وغزا الفضل بجيش عظيم ما وراء النهر، ومهد الممالك، وكان بطلا شجاعا جوادا، ربما وصل الواحد بألف ألف، وولي بعده خراسان منصور الحميري، وعظم الخطب بابن طريف، ثم سار لحربه يزيد بن مزيد الشيباني، وتحيل عليه حتى بيته، وقتله، ومزق جموعه. وفي سنة (٧٩) اعتمر الرشيد في رمضان، واستمر على إحرامه إلى أن حج ماشيا من بطن مكة.
وتفاقم الأمر بين قيس ويمن بالشام، وسالت الدماء.
واستوطن الرشيد في سنة ثمانين الرقة، وعمر بها دار الخلافة.
وجاءت الزلزلة التي رمت رأس منارة الإسكندرية.
وخرجت المحمرة بجرجان.
وغزا الرشيد، ووغل في أرض الروم، فافتتح الصفصاف، وبلغ جيشه أنقرة.
واستعفى يحيى وزيره، وجاور سنة. ووثبت الروم، فسملوا ملكهم قسطنطين، وملكوا أمه.
وفي (١٨٣) خرجت الخزر، وكانت بنت ملكهم قد تزوج بها الفضل البرمكي، فماتت ببرذعة، فقيل: قتلت غيلة فخرج الخاقان من باب الأبواب، وأوقع بالأمة، وسبوا أزيد من مائة ألف، وتم على الإسلام أمر لم يسمع بمثله، ثم سارت جيوش هارون، فدفعوا الخزر، وأغلقوا باب إرمينية الذي في الدربند.
وفي سنة (١٨٥) ظهر بعبادان أحمد بن عيسى بن زيد بن علي العلوي، وبناحية البصرة، وبويع ثم عجز وهرب، وطال اختفاؤه أزيد من ستين عاما.
وثار بخراسان أبو الخصيب، وتمكن، فسار لحربه علي بن عيسى بن ماهان، فالتقوا بنسا، فقتل أبو الخصيب، وتمزقت عساكره.
وحج سنة ست وثمانين الرشيد بولديه: الأمين والمأمون، وأغنى أهل الحرمين.
وفي سنة سبع قتل الرشيد جعفر بن يحيى البرمكي، وسجن أباه وأقاربه، بعد أن كانوا قد بلغوا رتبة لا مزيد عليها وفيها انتقض الصلح مع الروم، وملكوا عليهم نقفور، فيقال: إنه من ذرية جفنة الغساني، وبعث يتهدد الرشيد، فاستشاط غضبا، وسار في جيوشه حتى نازله هرقلة، وذلت الروم، وكانت غزوة مشهودة.