للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكمه على من حارب الله ورسوله، وسعى في الأرض فسادا. بعد الذي كان من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعرنيين ما فعل.

وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال بالصواب في ذلك؛ لأن القصص التي قصها الله - جل وعز - قبل هذه الآية وبعدها من قصص بني إسرائيل وأنبائهم، فإن يكن ذلك متوسطا منه يعرف الحكم فيهم وفي نظرائهم، أولى وأحق (١)، وقلنا: كان نزول ذلك بعد الذي كان من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعرنيين ما فعل لتظاهر الأخبار عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك،

وإذا كان ذلك أولى بالآية لما وصفنا فتأويلها: من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو سعى بفساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون يقول: لساعون في الأرض بالفساد وقاتلو النفوس بغير نفس، وغير سعي في الأرض بالفساد، حربا لله ولرسوله فمن فعل ذلك منهم يا محمد، فإنما جزاؤه أن يقتلوا أو يصلبوا أو أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف. أو ينفوا من الأرض.

فإن قال لنا قائل: وكيف يجوز أن تكون الآية نزلت في الحال التي ذكرت من حال نقض كافر من بني إسرائيل عهده، ومن قولك: إن حكم هذه الآية حكم من الله في أهل الإسلام دون أهل الحرب من المشركين؟ قيل: جاز أن يكون ذلك كذلك؛ لأن حكم من حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا من أهل ذمتنا وملتنا واحد والذين عنوا بالآية كانوا أهل عهد وذمة، وإن كان داخلا في حكمها كل ذمي وملي، وليس يبطل بدخول في حكم الآية من الناس أن يكون صحيحا نزولها فيمن نزلت فيه.

ثم قال: واختلف أهل العلم في المستحق اسم المحارب لله ورسوله الذي يلزمه حكم هذه: فقال بعضهم: هو اللص الذي يقطع الطريق (٢).


(١) سيأتي رده في ص .. من الأعداد
(٢) إن أريد بذلك بيان المحارب بنوع من أنواعه فمسلم، وإلا فالصحيح أن المراد بالمحارب أعم من ذلك.