وعن معاذ بن رفاعة، قال: فخرجوا بعد هدأة يتسللون، وقد سبقهم إلى ذلك المكان معه عمه العباس وحده.
قال: فأول من تكلم هو، فقال: يا معشر الخزرج، قد دعوتم محمدا إلى ما دعوتموه، وهو من أعز الناس في عشيرته، يمنعه والله من كان منا على قوله ومن لم يكن، وقد أبى محمدا الناس كلهم غيركم؛ فإن كنتم أهل قوة وجلد وبصر بالحرب، واستقلال بعداوة العرب قاطبة، فإنها سترميكم عن قوس واحدة، فارتؤوا رأيكم، وائتمروا أمركم؛ فإن أحسن الحديث أصدقه، فأسكتوا. وتكلم عبد الله بن عمرو بن حرام، فقال: نحن أهل الحرب، ورثناها كابرا عن كابر. نرمي بالنبل حتى تفنى، ثم نطاعن بالرماح حتى تكسر، ثم نمشي بالسيوف حتى يموت الأعجل منا.
قال: أنتم أصحاب حرب، هل فيكم دروع؟ قالوا: نعم، شاملة.
وقال البراء بن معرور: قد سمعنا ما قلت، إنا والله لو كان في أنفسنا غير ما نقول لقلنا، ولكنا نريد الوفاء، والصدق، وبذل المهج دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فبايعهم النبي صلى الله عليه وسلم، والعباس آخذ بيده، يؤكد له البيعة.
زكريا، عن الشعبي، قال: انطلق النبي صلى الله عليه وسلم بالعباس، وكان العباس ذا رأي، فقال العباس للسبعين: ليتكلم متكلمكم ولا يطل الخطبة، فإن عليكم عينا.
فقال أسعد بن زرارة: سل لربك ما شئت، وسل لنفسك ولأصحابك، ثم أخبرنا بما لنا على الله وعليكم.
قال: أسألكم لربي أن تعبدوه، لا تشركوا به شيئا، وأسألكم لنفسي وأصحابي أن تؤوونا، وتنصرونا، وتمنعونا مما تمنعون منه أنفسكم.
قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: الجنة. قال: فلك ذلك.
ابن إسحاق: حدثني حسين بن عبد الله، عن عكرمة، قال: قال أبو رافع: كنت غلاما للعباس، وكان الإسلام قد دخلنا، فأسلم العباس، وكان يهاب قومه؛ فكان يكتم إسلامه، فخرج إلى بدر، وهو كذلك.