وقد رأيت كتاب " الكشف والإنباء عن كتاب الإحياء " للمازري، أوله: الحمد لله الذي أنار الحق وأداله، وأبار الباطل وأزاله، ثم أورد المازري أشياء مما نقده على أبي حامد، يقول: ولقد أعجب من قوم مالكية يرون مالكا الإمام يهرب من التحديد، ويجانب أن يرسم رسما، وإن كان فيه أثر ما، أو قياس ما، تورعا وتحفظا من الفتوى فيما يحمل الناس عليه، ثم يستحسنون من رجل فتاوى مبناها على ما لا حقيقة له، وفيه كثير من الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم لفق فيه الثابت بغير الثابت، وكذا ما أورد عن السلف لا يمكن ثبوته كله، وأورد من نزغات الأولياء ونفثات الأصفياء ما يجل موقعه، لكن مزج فيه النافع بالضار، كإطلاقات يحكيها عن بعضهم لا يجوز إطلاقها لشناعتها، وإن أخذت معانيها على ظواهرها، كانت كالرموز إلى قدح الملحدين، ولا تنصرف معانيها إلى الحق إلا بتعسف على اللفظ مما لا يتكلف العلماء مثله إلا في كلام صاحب الشرع الذي اضطرت المعجزات الدالة على صدقه المانعة من جهله وكذبه إلى طلب التأويل، كقوله: إن القلب بين أصبعين من أصابع الرحمن وكقوله: إن السماوات على إصبع وكقوله: لأحرقت سبحات وجهه وكقوله: يضحك الله إلى غير ذلك من الأحاديث الوارد ظاهرها بما أحاله العقل.
إلى أن قال: فإذا كانت العصمة غير مقطوع بها في حق الولي، فلا وجه لإضافة ما لا يجوز إطلاقه إليه، إلا أن يثبت، وتدعو ضرورة إلى نقله، فيتأول.
إلى أن قال: ألا ترى لو أن مصنفا أخذ يحكي عن بعض الحشوية مذهبه في قدم الصوت والحرف، وقدم الورق، لما حسن به أن يقول: قال بعض المحققين: إن القارئ إذا قرأ كتاب الله، عاد القارئ في نفسه قديما بعد أن كان محدثا، أو قال بعض الحذاق: إن الله محل للحوادث، إذا أخذ في حكاية مذهب الكرامية.