وقال أعرابي: يأمر الأمير لي بملء جرابي دقيقا؟ قال: املئوه له دراهم، فقيل للأعرابي، فقال: سألت الأمير ما أشتهي، فأمر لي بما يشتهي. ابن أبي الدنيا: أخبرني محمد بن الحسين، حدثني عبد الله بن شمر الخولاني، حدثني عبد الملك مولى خالد بن عبد الله، قال: إني لأسير بين يدي خالد بالكوفة ومعه الوجوه، فقام إليه رجل، فقال: أصلح الله الأمير، فوقف، وكان كريما، فقال: ما لك؟ قال: تأمر بضرب عنقي؟ قال: لم؟ قطعت طريقا؟ قال: لا، قال: فنزعت يدا من طاعة؟ قال: لا. قال: فعلام أضرب عنقك؟ قال: الفقر والحاجة، قال: تمن؟ قال: ثلاثين ألفا، فالتفت إلى أصحابه فقال: هل علمتم تاجرا ربح الغداة ما ربحت؟ نويت له مائة ألف، فتمنى ثلاثين ألفا، ثم أمر له بها.
وقيل: كان خالد يجلس ثم يدعو بالبدر، ويقول: إنما هذه الأموال ودائع لا بد من تفريقها. وقيل: أنشده أعرابي:
أخالد بين الحمد والأجر حاجتي
فأيهما يأتي فأنت عماد
أخالد إني لم أزرك لحاجة
سوى أنني عاف وأنت جواد
فقال: سل، قال: مائة ألف، قال: أسرفت يا أعرابي، قال: فأحط للأمير؟. قال: نعم. قال: قد حططتك تسعين ألفا، فتعجب منه، فقال: سألتك على قدرك، وحططتك على قدري، وما أستأهله في نفسي، قال: لا والله لا تغلبني، يا غلام أعطه مائة ألف.
قال الأصمعي: أنشده أعرابي في مجلس الشعراء
تعرضت لي بالجود حتى نعشتني
وأعطيتني حتى ظننتك تلعب
فأنت الندى وابن الندى وأخو الندى
حليف الندى ما للندى عنك مذهب
فأعطاه مائة ألف. الأصمعي عن يونس بن حبيب نحوها وزاد، فقام أعرابي آخر فقال: