وقد رويت حكاية في سماع القعنبي لذاك الحديث من شعبة لا تصح، وأنه هجم عليه بيته، فوجده يبول في بلوعة، فقال: حدثني، فلامه، وعنفه، وقال: تهجم على داري، ثم تقول: حدثني وأنا على هذه الحالة؟! قال: إني أخشى الفوت، فروى له الحديث في قلة الحياء، وحلف أن لا يحدثه بسواه.
وفي الجملة لم يدرك القعنبي شعبة إلا في آخر أيامه، فلم يكثر عنه. وقد حدثه أفلح عن القاسم بن محمد، وأفلح أكبر من شعبة قليلا.
وقد سمعت " الموطأ " بحلب وبعلبك من رواية القعنبي، عن مالك.
وهو أكبر شيخ لمسلم، سمع منه في أيام الموسم في ذي الحجة سنة عشرين، ولم يكثر عنه.
ومات القعنبي في المحرم سنة إحدى وعشرين ومائتين.
قال محمد بن عمر بن لبابة الأندلسي: حدثنا مالك بن علي القرشي، حدثنا القعنبي، قال: دخلت على مالك، فوجدته باكيا، فقلت: يا أبا عبد الله، ما الذي يبكيك؟ قال: يا ابن قعنب على ما فرط مني، ليتني جلدت بكل كلمة تكلمت بها في هذا الأمر بسوط، ولم يكن فرط مني ما فرط من هذا الرأي، وهذه المسائل قد كان لي سعة فيما سبقت إليه.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد وجماعة إجازة قالوا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا محمد بن محمد، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا معاذ بن المثنى، حدثنا القعنبي، حدثنا أفلح بن حميد، عن القاسم، عن عائشة قالت: طيبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحرمه حين أحرم، ولحله حين أحل قبل أن يطوف بالبيت.
هذا حديث حسن عال، أخرجه مسلم عن القعنبي، وهو من أعلى شيء في " صحيحه ".