للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن يحيى بن أكثم قال: كان المأمون يجلس للمناظرة يوم الثلاثاء، فجاء رجل قد شمر ثيابه، ونعله في يده، فوقف على طرف البساط، وقال: السلام عليكم. فرد المأمون، فقال: أتاذن لي في الدنو؟ قال: ادن، وتكلم، قال: أخبرني عن هذا المجلس الذي أنت فيه، جلسته باجتماع الأمة أم بالغلبة والقهر؟ قال: لا بهذا ولا بهذا، بل كان يتولى أمر الأمة من عقد لي ولأخي، فلما صار الأمر إلي، علمت أني محتاج إلى اجتماع كلمة المسلمين على الرضى بي، فرأيت أني متى خليت الأمر، اضطرب حبل الإسلام، ومرج عهدهم، وتنازعوا، وبطل الحج والجهاد، وانقطعت السبل، فقمت حياطة للمسلمين، إلى أن يجمعوا على من يرضونه، فأسلم إليه. فقال: السلام عليك ورحمة الله. وذهب، فوجه المأمون من يكشف خبره، فرجع، فقال: مضى إلى مسجد فيه خمسة عشر رجلا في هيئته، فقالوا: لقيت الرجل؟ قال: نعم، وأخبرهم بما جرى، فقالوا: ما نرى بما قال بأسا، وافترقوا. فقال المأمون: كفينا مؤنة هؤلاء بأيسر الخطب.

وقيل: إن المأمون استخرج كتب الفلاسفة واليونان من جزيرة قبرس، وقدم دمشق مرتين.

قال أبو معشر المنجم: كان أمارا بالعدل، محمود السيرة، ميمون النقيبة، فقيه النفس، يعد من كبار العلماء.

وروى عن الرشيد، قال: إني لأعرف في عبد الله ابني حزم المنصور، ونسك المهدي، وعزة الهادي، ولو أشاء أن أنسبه إلى الرابع -يعني نفسه- لفعلت، وقد قدمت محمدا عليه، وإني لأعلم أنه منقاد إلى هواه، مبذر لما حوته يداه، يشارك في رأيه الإماء، ولولا أم جعفر وميل الهاشميين إليه، لقدمت عليه عبد الله.

عن المأمون قال: لو عرف الناس حبي للعفو، لتقربوا إلي بالجرائم وأخاف أن لا أوجر فيه.