قيل: إن المأمون لتشيعه أمر بالنداء بإباحة المتعة -متعة النساء- فدخل عليه يحيى بن أكثم، فذكر له حديث علي -رضي الله عنه- بتحريمها، فلما علم بصحة الحديث، رجع إلى الحق، وأمر بالنداء بتحريمها.
أما مسألة القرآن، فما رجع عنها، وصمم على امتحان العلماء في سنة ثمان عشرة، وشدد عليهم، فأخذه الله.
وكان كثير الغزو، وفي ثاني سنة من خلافته خرج عليه بالكوفة محمد بن طباطبا العلوي، يدعو إلى الرضى من آل محمد، والعمل بالسنة، وكان مدير دولته أبو السرايا الشيباني، ويسرع الناس إليه، وبادر إليه الأعراب، فالتقاه عسكر المأمون، عليهم زهير بن المسيب، فانهزموا، وقوي أمر العلوي، ثم أصبح ميتا فجأة، فقيل: سمه أبو السرايا، وأقام في الحال مكانه أمرد علويا، ثم تجهز لحربهم جيش، فكسروا، وقتل مقدمهم عبدوس المروروذي، وقوي الطالبيون، وأخذوا واسطا والبصرة، وعظم الخطب، ثم حشد الجيش عليهم هرثمة، وجرت فصول طويلة.
والتقوا غير مرة، ثم هرب أبو السرايا والطالبيون من الكوفة، ثم قتل أبو السرايا سنة مائتين، وهاجت العلوية بمكة، وحاربوا، وعظم هرثمة بن أعين، وأعطي إمرة الشام، فلم يرض بها، وذهب إلى مرو، فقتلوه.
ثم في سنة إحدى ومائتين: جعل المأمون ولي عهده عليا الرضي ولبس الخضرة وثارت العباسية، فخلعوه وفيها تحرك بابك الخرمي بأذربيجان وقتل وسبى، وذكر الرضي للمأمون ما الناس فيه من الحرب والفتن منذ قتل الأمين، وبما كان الفضل بن سهل يخفيه عنه من الأخبار، وأن أهل بيته قد خرجوا، ونقموا أشياء، يقولون: هو مسحور، هو مجنون.