قال: ومن يعرف هذا؟ قال: عدة من أمرائك، فاسألهم، فأبوا أن ينطقوا إلا بأمان من الفضل، فضمن ذلك، فبينوا له، وأن طاهر بن الحسين، قد أبلى في طاعتك، وفتح الأمصار، وقاد إلى أمير المؤمنين الخلافة، ثم أخرج من ذلك كله، وصير في الرقة، ولو كان على العراق حاكما لضبطها بخلاف الحسن بن سهل، وقالوا له: فسر إلى العراق، فلو رآك القواد، لأذعنوا بالطاعة، فقال: سيروا.
فلما علم الفضل، ضرب بعضهم، وحبس آخرين، وما أمكن المأمون مبادرته، فسار من مرو إلى سرخس، فشد قوم على الفضل، فقتلوه في حمام في شعبان سنة اثنتين ومائتين عن ستين سنة، فجعل المأمون لمن جاء بقاتليه عشرة آلاف دينار -وكانوا أربعة من مماليك المأمون - فقالوا: أنت أمرتنا بقتله، فأنكر، وضرب أعناقهم.
وضعف أمر إبراهيم بن المهدي بعد محاربة وبلاء.
وفي سنة ٢٠٣: مات الرضي فجأة.
وفي سنة أربع: وصل المأمون، فتلقاه إلى النهروان بنو العباس، وبنو أبي طالب، وعتبوا عليه في لبس الخضرة، فتوقف، ثم أعاد السواد.
وفيها التقى يحيى بن معاذ أمير الجزيرة بابك الخرمي وولي طاهر جميع خراسان، وأمر له بعشرة آلاف ألف درهم. وفيها -أعني سنة ٢٠٥ - نصر المسلمون على بابك، وبيتوه.
وفي سنة سبع: خرج باليمن علوي فأمنه المأمون وقدم.
ومات طاهر، ويقال: إنه كان قد قطع دعوة المأمون قبل موته، وخرج، فقام بعده ابنه طلحة، فولاه المأمون خراسان، فبقي سبعة أعوام، ومات، فوليها أخوه عبد الله بن طاهر.
وكانت الحروب شديدة بين عسكر الإسلام بين بابك، وظهر باليمن الصناديقي، وقتل، وسبى، وادعى النبوة، ثم هلك بالطاعون.
وخرج حسن أخو طاهر بن الحسين بكرمان، فظفر به المأمون، وعفا عنه.
وكان المأمون يجل أهل الكلام، ويتناظرون في مجلسه، وسار صدقة بن علي لحرب " بابك "، فأسره " بابك " وتمرد وعتا.