وبعث إلى النائب بمال، وقال: اهرب. ووجد المختار في بيت المال سبعة آلاف ألف درهم، فأنفق في جيشه، وكتب إلى ابن الزبير: إني رأيت عاملك مداهنا لبني أمية، فلم يسعني أن أقره، فانخدع له ابن الزبير، وكتب إليه بولاية الكوفة، فجهز ابن الأشتر لحرب عبيد الله بن زياد في آخر سنة ست وستين، ومعه كرسي على بغل أشهب.
وقال المختار: هذا فيه سر، وهو آية لكم، كما كان التابوت لبني إسرائيل. فحفوا به يدعون، فتألم ابن الأشتر، وقال: اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا سنة بني إسرائيل إذ عكفوا على العجل.
فعن طفيل بن جعدة بن هبيرة، قال: كان لي جار زيات له كرسي، فاحتجت فقلت للمختار: إني كنت أكتمك شيئا، والآن أذكره.
قال: وما هو؟ قلت: كرسي كان أبي يجلس عليه، كان يرى أن فيه أثارة من علم. قال: سبحان الله! لم أخرته؟ فجيء به وعليه ستر، فأمر لي باثني عشر ألفا، ودعا بالصلاة جامعة، فاجتمعوا، فقال: إنه لم يكن في الأمم الخالية أمر إلا وهو كائن فيكم، وقد كان في بني إسرائيل التابوت، وإن فينا مثله. اكشفوا هذا، فكشفوا الأثواب، وقامت السبائية. فرفعوا أيديهم، فأنكر شبث بن ربعي، فضرب، فلما انتصروا على عبيد الله افتتنوا بالكرسي، وتغالوا فيه، فقلت: إنا لله، وندمت. فلما زاد كلام الناس، غيب. وكان المختار يربطهم بالمحال والكذب، ويتألفهم بقتل النواصب.