عن الشعبي قال: خرجت أنا وأبي مع المختار، فقال لنا: أبشروا، فإن شرطة الله قد حسوهم بالسيوف بقرب نصيبين. فدخلنا المدائن، فوالله إنه ليخطبنا، إذ جاءته البشرى بالنصر، فقال: ألم أبشركم بهذا؟ قالوا: بلى، فقال لي همداني: أتؤمن الآن؟ قلت: بماذا؟ قال: بأن المختار يعلم الغيب، ألم يقل لنا: إنهم هزموا؟ قلت: إنما زعم أن ذلك بنصيبين، وإنما وقع ذلك بالخازر من الموصل. قال: والله لا تؤمن يا شعبي حتى ترى العذاب الأليم.
وقيل: كان رجل يقول: قد وضع لنا اليوم وحي ما سمع الناس بمثله فيه نبأ ما يكون.
وعن موسى بن عامر قال: إنما كان يضع لهم عبد الله بن نوف، يقول: إن المختار أمرني به، ويتبرأ من ذلك المختار، فقال سراقة البارقي:
كفرت بوحيكم وجعلت نذرا
علي هجاءكم حتى الممات
أري عيني ما لم ترأياه
كلانا عالم بالترهات
ووقع المصاف، فقتل ابن زياد، قده ابن الأشتر نصفين. وكان بطل النخع، وفارس اليمانية فدخل الموصل، واستولى على الجزيرة.
ثم وجه المختار أربعة آلاف فارس في نصر محمد ابن الحنفية، فكلموا ابن الزبير، وأخرجوه من الشعب، وأقاموا في خدمته أشهرا، حتى بلغهم قتل المختار، فإن ابن الزبير علم مكره، فندب لحربه أخاه مصعبا، فقدم محمد بن الأشعث، وشبث بن ربعي إلى البصرة يستصرخان الناس على الكذاب، ثم التقى مصعب وجيش المختار، فقتل ابن الأشعث، وعبيد الله بن علي بن أبي طالب، وانفل الكوفيون، فحصرهم مصعب في دار الإمارة، فكان المختار يبرز في فرسانه، ويقاتل حتى قتله طريف الحنفي وأخوه طراف في رمضان سنة سبع وستين، وأتيا برأسه مصعبا، فوهبهما ثلاثين ألفا، وقتل من الفريقين سبعمائة.