قال: نعم، سوى رجل واحد، فعرفه بي. فكنت أهون القوم عليه، وسر بهداياهم، وأعطاهم الجوائز، وأعطاني شيئا لا ذكر له. وخرجنا، فأقبلت بنو مالك يشترون هدايا لأهلهم، ولم يعرض علي أحد منهم مواساة، وخرجوا، وحملوا معهم الخمر، فكنا نشرب، فأجمعت على قتلهم، فتمارضت، وعصبت رأسي، فوضعوا شرابهم، فقلت: رأسي يصدع ولكني أسقيكم، فلم ينكروا، فجعلت أصرف لهم وأترع لهم الكأس، فيشربون ولا يدرون، حتى ناموا سكرا، فوثبت، وقتلتهم جميعا، وأخذت ما معهم. فقدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأجده جالسا في المسجد مع أصحابه، وعلي ثياب سفري، فسلمت، فعرفني أبو بكر ; فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الحمد لله الذي هداك للإسلام، قال أبو بكر: أمن مصر أقبلتم؟ قلت: نعم، قال: ما فعل المالكيون؟ قلت: قتلتهم، وأخذت أسلابهم، وجئت بها إلى رسول الله ليخمسها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما إسلامك فنقبله، ولا آخذ من أموالهم شيئا، لأن هذا غدر، ولا خير في الغدر. فأخذني ما قرب وما بعد، وقلت: إنما قتلتهم وأنا على دين قومي، ثم أسلمت الساعة، قال: فإن الإسلام يجب ما كان قبله.
وكان قتل منهم ثلاثة عشر فبلغ ثقيفا بالطائف، فتداعوا للقتال، ثم اصطلحوا على أن يحمل عني عروة بن مسعود ثلاث عشرة دية. وأقمت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى اعتمر عمرة الحديبية، فكانت أول سفرة خرجت معه فيها. وكنت أكون مع الصديق وألزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيمن يلزمه.