للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روى إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، عن أبيه، عن جده: أن أباه قال: قال لنا المنصور: رأيت كأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عممني بعمامة كورها ثلاثة وعشرون، وقال: خذها، وأوصاني بأمته.

وعن المنصور قال: الملوك أربعة: معاوية، وعبد الملك، وهشام بن عبد الملك، وأنا.

حج المنصور مرات، منها في خلافته مرتين، وفي الثالثة مات ببئر ميمون قبل أن يدخل مكة.

أبو العيناء: حدثنا الأصمعي: أن المنصور صعد المنبر، فشرع، فقام رجل، فقال: يا أمير المؤمنين! اذكر من أنت في ذكره. فقال: مرحبا، لقد ذكرت جليلا، وخوفت عظيما، وأعوذ بالله أن أكون ممن إذا قيل له: اتق الله، أخذته العزة بالإثم، والموعظة منا بدت، ومن عندنا خرجت، وأنت يا قائلها فأحلف بالله: ما الله أردت، إنما أردت أن يقال: قام، فقال، فعوقب، فصبر، فأهون بها من قائلها، واهتبلها من الله، ويلك إني قد غفرتها!. وعاد إلى خطبته كأنما يقرأ من كتاب.

قال مبارك الطبري: حدثنا أبو عبيد الله الوزير، سمع المنصور يقول: الخليفة لا يصلحه إلا التقوى، والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة، والرعية لا يصلحها إلا العدل، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه.

وقيل: إن عمرو بن عبيد وعظ المنصور فأبكاه، وكان يهاب عمرا ويكرمه، وكان أمر له بمال فرده.

وقيل: إن عبد الصمد عمه قال: يا أمير المؤمنين، لقد هجمت بالعقوبة، حتى كأنك لم تسمع بالعفو. قال: لأن بني أمية لم تبل رممهم، وآل علي لم تغمد سيوفهم، ونحن بين قوم قد رأونا أمس سوقة، ولا تتمهد هيبتنا في صدورهم إلا بنسيان العفو.