وقيل: دخل عليه هشام بن عروة فقال: اقض ديني. قال: وكم هو؟. قال: مائة ألف، قال: وأنت في فقهك وفضلك تأخذ مائة ألف، ليس عندك قضاؤها!؟ قال: شب فتيان لي، فأحببت أن أبوئهم، وخشيت أن ينتشر علي أمرهم، واتخذت لهم منازل، وأولمت عليهم، ثقة بالله وبأمير المؤمنين
قال: فردد عليه: مائة ألف، استكثارا لها، ثم قال: قد أمرنا لك بعشرة آلاف. قال: فأعطني ما تعطي وأنت طيب النفس، فقد سمعت أبي يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" من أعطى عطية وهو بها طيب النفس، بورك للمعطي والمعطى ".
قال: فإني طيب النفس بها. فأهوى ليقبل يده، فمنعه، وقال: إنا نكرمك عنها، ونكرمها عن غيرك.
وعن الربيع الحاجب قال: درنا في الخزائن بعد موت المنصور، أنا والمهدي فرأينا في بيت أربع مائة حب مسددة الرءوس، فيها أكباد مملحة معدة للحصار.
وقيل رأت جارية للمنصور قميصه مرقوعا، فكلمته فقال:
قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه
خلق، وجيب قميصه مرقوع.
وعن المدائني: أن المنصور لما احتضر قال: اللهم إني قد ارتكبت عظائم، جرأة مني عليك، وقد أطعتك في أحب الأشياء إليك، شهادة أن لا إله إلا الله، منا منك لا منا عليك، ثم مات. وقيل: رأى ما يدل على قرب موته، فسار للحج. وقيل: مات مبطونا، وعاش أربعا وستين سنة.
قال الصولي: دفن بين الحجون وبئر ميمون في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة.