قال عباد بن كثير لسفيان: قلت لأبي جعفر: أتؤمن بالله؟ قال: نعم. قلت: حدثني عن الأموال التي اصطفيتموها من بني أمية، فلئن صارت إليكم ظلما وغصبا، فما رددتموها إلى أهلها الذين ظلموا، ولئن كانت لبني أمية، لقد أخذتم ما لا يحل لكم، إذا دعيت غدا بنو أمية بالعدل، جاءوا بعمر بن عبد العزيز، وإذا دعيتم أنتم، لم تجيئوا بأحد، فكن أنت ذاك الأحد، فقد مضت من خلافتك ست عشرة سنة. قال: ما أجد أعوانا. قلت: عونك علي بلا مرزئة، أنت تعلم أن أبا أيوب المورياني يريد منك كل عام بيت مال، وأنا أجيئك بمن يعمل بغير رزق، آتيك بالأوزاعي، وآتيك بالثوري، وأنا أبلغك عن العامة. فقال: حتى أستكمل بناء بغداد، وأوجه خلفك. فقال له سفيان: ولم ذكرتني له؟. قال: والله ما أردت إلا النصح. قال سفيان: ويل لمن دخل عليهم، إذا لم يكن كبير العقل، كثير الفهم، كيف يكون فتنة عليهم وعلى الأمة.
قال نوبخت المجوسي: سجنت بالأهواز، فرأيت المنصور وقد سجن - يعني وهو شاب - قال: فرأيت من هيبته وجلالته وحسنه ما لم أره لأحد، فقلت: وحق الشمس والقمر إنك لمن ولد صاحب المدينة؟ فقال: لا، ولكني من عرب المدينة. قال: فلم أزل أتقرب إليه وأخدمه حتى سألته عن كنيته. فقال: أبو جعفر. قلت: وحق المجوسية لتملكن. قال: وما يدريك!؟. قلت: هو كما أقول لك. وساق قصة. وقد كان المنصور يصغي إلى أقوال المنجمين، وينفقون عليه، وهذا من هناته مع فضيلته.
وقد خرج عليه في أول ولايته عمه عبد الله بن علي فرماه بنظيره أبي مسلم صاحب الدولة، وقال: لا أبالي أيهما أصيب. فانهزم عمه، وتلاشى أمره، ثم فسد ما بينه وبين أبي مسلم، فلم يزل يتحيل عليه، حتى استأصله وتمكن.
ثم خرج عليه ابنا عبد الله بن حسن وكاد أن تزول دولته، واستعد للهرب، ثم قتلا في أربعين يوما، وألقى عصاه، واستقر.