وكان حاكما على ممالك الإسلام بأسرها، سوى جزيرة الأندلس. وكان ينظر في حقير المال ويثمره، ويجتهد بحيث إنه خلف في بيوت الأموال من النقدين أربعة عشر ألف ألف دينار، فيما قيل، وست مائة ألف ألف درهم، وكان كثيرا ما يتشبه بالثلاثة في سياسته وحزمه، وهم: معاوية، وعبد الملك، وهشام.
وقيل: إنه أحس شغبا عند قتله أبا مسلم، فخرج بعد أن فرق الأموال، وشغلهم برأسه، فصعد المنبر وقال: أيها الناس، لا تخرجوا من أنس الطاعة، إلى وحشة المعصية، ولا تسروا غش الأئمة، يظهر الله ذلك على فلتات الألسنة، وسقطات الأفعال، فإن من نازعنا عروة قميص الإمامة، أوطأناه ما في هذا الغمد، وإن أبا مسلم بايعنا على أنه إن نكث بيعتنا، فقد أباح دمه لنا، ثم نكث، فحكمنا عليه لأنفسنا حكمه على غيره، ولم يمنعنا رعاية حقه من إقامة الحق عليه، فلا تمشوا في ظلمة الباطل، بعد سعيكم في ضياء الحق، ولو علم بحقيقة حال أبي مسلم، لعنفنا على إمهاله من أنكر منا قتله والسلام.