فقالت امرأته: اخرج صل في مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فخرج فصلى، فنظر إلى حلقة وافرة، فأتاه فوقف عليه، ففرجوا له قليلا، ونكس ربيعة رأسه، يوهمه أنه لم يره، وعليه طويلة، فشك فيه أبو عبد الرحمن، فقال: من هذا الرجل؟ قالوا له: هذا ربيعة بن أبي عبد الرحمن. فقال: لقد رفع الله ابني. فرجع إلى منزله، فقال لوالدته: لقد رأيت ولدك في حالة، ما رأيت أحدا من أهل العلم والفقه عليها. فقالت أمه: فأيما أحب إليك: ثلاثون ألف دينار، أو هذا الذي هو فيه من الجاه؟ قال: لا والله إلا هذا. قالت: فإني قد أنفقت المال كله عليه، قال: فوالله ما ضيعته.
قلت: لو صح ذلك، لكان يكفيه ألف دينار في السبع والعشرين سنة، بل نصفها، فهذه مجازفة بعيدة. ثم لما كان ربيعة ابن سبع وعشرين سنة، كان شابا لا حلقة له، بل الدست لمثل سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، ومشايخ ربيعة. وكان مالك لم يولد بعد أو هو رضيع. والطويلة: إنما أخرجها للناس المنصور بعد موت ربيعة. والحسن بن زيد وإنما كبر واشتهر بعد ربيعة بدهر. وإسنادها منقطع. ولعله قد جرى بعض ذلك.
قرأت على أبي المعالي: أنبأنا أحمد بن إسحاق، أنبأنا أبو هريرة محمد بن الليث اللبان، وزيد بن هبة الله البيع ببغداد، قالا: أنبأنا أبو القاسم أحمد بن المبارك بن عبد الباقي بن قفرجل، أنبأنا عاصم بن الحسن، أنبأنا عبد الواحد بن محمد، حدثنا الحسين بن إسماعيل القاضي إملاء، حدثنا أحمد بن إسماعيل، حدثنا مالك، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن حنظلة بن قيس الزرقي، أنه سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كراء الأرض. فقلت: أبالذهب والورق؟ قال: أما الذهب والورق، فلا بأس به.
هذا حديث صحيح عال، أخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى، وأبو داود عن قتيبة، كلاهما عن مالك بن أنس.