للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال في هذا إن معظم المدمنين على وعي تام بآثار مدمرة لهم صحيا ونفسيا وأحيانا يكونون في حالة بكاء تشل الجسد عن الحركة حتى يتعاطى النوبة.

(٤) من بين الآثار أن الحشيش يسبب حالة من المرح والتهيج مع اعتماد متعاطيه أنه قادر على كل شيء فضلا عن اتجاهه إلى اختراع أفكار وهمية وأنه يؤدي إلى ارتكاب الجريمة، وكثيرا ما يصير به ذلك إلى التشرد والسرقة والخوف والجبن، ولهذا كانت له ضحايا كثيرة من مرضى العقول والمجانين.

وقد استوفى البحث عشر نقط مما فهمه المصلحون والمعالجون والمتابعون لضحاياها وصرعى إدمانها وفي نهاية هذه الدراسة يقول الدكتور المغربي: إن القانون لم يحل مشكلة تعاطي المخدر وغيره فألحق أن علاجها من وجهة النظر النفسية والاجتماعية بالرجوع إلى حالة سلوك واقعية.

وتلخيص الحل في التفسير الجوهري للعناصر التي يعيش فيها الفرد بحيث تهيأ له الفرص التي يشبع فيها حاجاته في ظل التكافل الصادق الذي يشعر الشخص بالتفاؤل والنجاح. ويا حبذا لو اتجه الباحث وغيره في الموضوع إلى إيقاظ الوعي الديني وقرع أبواب القلوب والعقول به وغرسه في النفوس ليصلح كل شيء في الأفراد والمجتمعات.

ثم انتقل البحث إلى حكم تناول الدخان فرأى أنه ما كان ينبغي أن تضطرب فيه الأقوال بل كان ينبغي أن يأخذ حكم المخدرات فإنه مفتر وربما كان أشد ضررا وفتكا من غيره من المخدرات.

ثم اقتضت الأمانة العلمية أن ينقل أقوال الفقهاء: فأورد أن صاحب كتاب فتح المعين لأبي مسعود جـ ٣ ص ٤٢٥ يذكر عبارات تبين اختلاف علمائهم في أمره ولا تروي غليلا في شأنه، ومما قال: أن صاحب الدر الشيخ الحصكفي الحنفي حكى عن شيخه الغزي الشافعي أنه حرام؛ لأنه مسكر ومفتر ومنهي عنه في عموم النهي وليس من الكبائر شربه المرة والمرتين وإذا نهى عنه ولي الأمر حرم قطعا.

وأما صاحب الأشباه والنظائر فيرى أنه مباح بناء على ما هو الأصل في الأشياء ولكن هذا ضعيف؛ لأن كون الأصل في الأشياء الإباحة مقيد بما إذا لم يدل الدليل على خلاف ذلك وقد علم أنه داخل في عموم النهي عن المفتر فلا معنى لهذا الاستدلال.

وأما المالكية فقد وردت فتوى في شأنه في كتاب تهذيب الفروق نقل فيها عن حاشية ابن حمدون الفقيه المالكي: أن استعمال القدر المؤثر على العقل منه حرام اتفاقا. أما غيره فقد أطبق المغاربة وأكثر المشارقة على تحريمه. . ثم قال وعلة التحريم أنها تورث خورا فتشارك أولية الخمر في نشوته وقال بعض أئمتهم يكفي حديث أم سلمة «نهى رسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم- عن كل مسكر ومفتر (١)» دليلا على تحريمه ثم قال وعلى هذا فهو نجس ويحرم القليل كالكثير خشية الوقوع في التأثير، قال وأفتى بعضهم بالإباحة كالشيخ عبد الغني النابلسي بحجة أنه مما سكت الله عنه. هو ضعيف كالاستدلال بالإباحة الأصلية ومعناه أن كل ما سكت الله عنه مما لم يكن في عهد النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم- فهو مباح، وإن العمومات التي تشمل كثيرا مما لم ينص عليه تفصيلا. وقد انتهى ابن حمدون إلى القول بحرمته بناء على حديث أم سلمة. ثم نقل البحث عن ابن عابدين في تنقيح الفتاوى الحامدية:


(١) سنن أبو داود الأشربة (٣٦٨٦)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٠٩).