للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن عيينة: حج صفوان، فذهبت بمنى فسألت عنه، فقيل لي: إذا دخلت مسجد الخيف فأت المنارة، فانظر أمامها قليلا شيخا، إذا رأيته علمت أنه يخشى الله -تعالى- فهو صفوان بن سليم، فما سألت عنه أحدا حتى جئت كما قالوا، فإذا أنا بشيخ كما رأيته علمت أنه يخشى الله، فجلست إليه ; فقلت: أنت صفوان بن سليم؟ قال: نعم.

قال: وحج صفوان بن سليم وليس معه إلا سبعة دنانير فاشترى بها بدنة، فقيل له في ذلك، فقال: إني سمعت الله يقول: والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير.

محمد بن يعلى الثقفي، عن المنكدر بن محمد قال: كنا مع صفوان بن سليم في جنازة وفيها أبي وأبو حازم، وذكر نفرا من العباد، فلما صلي عليها، قال صفوان: أما هذا، فقد انقطعت عنه أعماله، واحتاج إلى دعاء من خلف بعده، قال: فأبكى والله القوم جميعا.

يعقوب بن محمد الزهري، عن أبي زهرة مولى بني أمية، سمعت صفوان بن سليم يقول: في الموت راحة للمؤمن من شدائد الدنيا، وإن كان ذا غصص وكرب، ثم ذرفت عيناه.

قدامة بن محمد الخشرمي، عن محمد بن صالح التمار قال: كان صفوان بن سليم يأتي البقيع في الأيام فيمر بي، فاتبعته ذات يوم، وقلت: لأنظرن ما يصنع، فقنع رأسه، وجلس إلى قبر منها، فلم يزل يبكي حتى رحمته، وظننت أنه قبر بعض أهله، ومر بي مرة أخرى، فاتبعته، فقعد إلى جنب قبر غيره، ففعل مثل ذلك. فذكرت ذلك لمحمد بن المنكدر، وقلت: إنما ظننت أنه قبر بعض أهله، فقال محمد: كلهم أهله وإخوته، إنما هو رجل يحرك قلبه بذكر الأموات كلما عرضت له قسوة. قال: ثم جعل محمد يمر بي، فيأتي البقيع، فسلمت عليه ذات يوم، فقال: أما نفعك موعظة صفوان؟ فظننت أنه انتفع بما ألقيت إليه منها.