قال: وقال مالك وهؤلاء الذين يسقون الناس السيكران إنهم محاربون إذا سقوهم ليسكروا فيأخذوا أموالهم، قال: قال مالك: هم محاربون يقتلون، قلت: هذا يدلني على قول مالك: أن من حارب وحده بغير سلاح أنه محارب، قال: نعم يستدل بهذا.
قلت: أرأيت محاربين أخذوا وقد أخذوا أموالا وأخافوا ولم يقتلوا فرأى الإمام أن يقطع أيديهم وأرجلهم ولا يقتلهم، فقطع أيديهم وأرجلهم ولم يقتلهم أيضمنهم المال الذي أخذوا وقد استهلكوه في أموالهم أم لا؟ قال: بلغني عن مالك أنه قال: هو مثل السرقة، وأنهم يضمنون إن كان لهم مال يومئذ، ولا يتبعون به دينا إذا لم يكن لهم مال.
قلت: أرأيت من قتل غيلة ورفع إلى قاض من القضاة فرأى أن لا يقتله، وأن يمكن أولياء المقتول منه ففعل فعفوا عنه ثم استقضى غيره فرفع إليه أفترى أن يقتله القاضي الثاني أم لا يقتله؛ لأنه قد حكم به قاض قبله في قول مالك قال: لا أرى أن يقتله؛ لأنه مما اختلف الناس فيه، قال: وقال لي مالك: من دخل على رجل في حريمه على أخذ ماله فهو عندهم بمنزلة المحارب يحكم فيه كما يحكم في المحارب.
قلت: أرأيت قوما محاربين شهد عليهم الشهود بالحرابة فقتلهم رجل قبل أن تزكى البينة، وقبل أن يأمر القاضي بقتلهم كيف يصنع مالك بهذا الذي قتلهم، قال: قال مالك: إن زكيت البينة أدب هذا الذي قتلهم ولم يفشل.
قلت: أرأيت إن لم تزك البينة وبطلت الشهادة أتقتله؟ قال: نعم في رأي.
قلت: أرأيت المحاربين؛ أجهادهم عند مالك جهاد؟ قال: قال مالك: نعم، جهادهم جهاد.
قلت: فإن شهدت الشهود بإقراره بالحرابة وهو منكر، أيقيم الإمام عليه الحد حد الحرابة أم لا؟ قال: لا يقام ذلك عليه ويقال. اهـ.