للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب - جاء في الشرح الكبير للدردير على مختصر خليل ما نصه (باب) في الحرابة:

وما يتعلق بها من الأحكام وعقبها السرقة لاشتراكها معها في بعض حدودها، وهو مطلق القطع، وليكون المشبه به في قوله الآتي واتبع كالسارق معلوما، وعرف المحارب المشتق من الحرابة فيعلم منه تعريفها بقوله: (المحارب قاطع الطريق لمنع سلوك)؛ علة للقطع، أي من قطعها لأجل عدم الانتفاع بالمرور فيها، ولو لم يقصد أخذ مال السالكين والمراد بالقطع الإخافة لا المنع، وإلا لزم تعليل الشيء بنفسه، وسواء كانت الطريق خارجة عن العمران أو داخلة كالأزقة، أو آخذ بالمد اسم فاعل معطوف على قاطع، (مال مسلم أو غيره) من ذمي ومعاهد ولو لم يبلغ نصابا، (على وجه يتعذر معه الغوث)، أي شأنه تعذر الغوث؛ فإن كان شأنه عدم تعذره فغير محارب بل غاصب، ولو سلطانا وقراءة " آخذ " بالمد اسم فاعل أولى من قراءته مصدر الإفادة أنه محارب، ولو لم يحصل منه قطع طريق فيشمل مسألة سقي السيكران، ومخادعة الصبي أو غيره ليأخذ ما معه وجبابرة أمراء مصر، ونحن وهم يسلبون أموال المسلمين ويمنعونهم أرزاقهم، ويغيرون على بلادهم ولا تتيسر استغاثة منهم بعلماء ولا بغيرهم.

ولا يشترط عدد المحارب ولا قصده عموم الناس بل يعد محاربا (وإن انفرد بمدينة) قصد جميع أهلها أم لا (كمسقي السيكران، بضم الكاف، نبت معلوم؛ (لذلك) أي لأجل أخذ المال وأشد منه في تغييب العقل البنج، وأشد منه نبت يسمى الداتورة. والبنج، بفتح الباء الموحدة وسكون النون نبت معروف، والكاف للتمثيل إن قرئ آخذ اسم فاعل، وللتشبيع إن قرئ مصدرا، (ومخادع الصبي) أي المميز، إذ هو الذي يخدع (أو غيره) أي خدعه حتى أدخله مكانا (ليأخذ ما معه)، ولو لم يقتله وقتله من قتل الغيلة، (والداخل) عطف على مسقي أي وكالداخل، (في ليل أو نهار في زقاق أو دار) حال كونه (قاتل) حين الأخذ، (ليأخذ المال)، وأخذه على وجه يتعذر معه الغوث، واحترز بقول قاتل ليأخذ عما لو أخذه ثم علم به فقاتل لينجو به، فلا يكون محاربا بل هو سارق إن علم به خارج الحرز، لا قبله فمختلس إن نجا به.

ثم شرع في بيان حد المحارب، وأنه أحد أنواع أربعة كما في الآية بقوله: (فيقاتل بعد المناشدة)، والمناشدة مندوبة كما في الخطاب، ويندب أن تكون ثلاث مرات، يقال له ناشدتك الله ألا ما خليت سبيلنا ونحو ذلك، (إن أمكن)، فإن عاجل بالقتال قوتل بلا مناشدة بالسلاح أو غيره مما فيه هلاكه، فعلم من قوله "يقاتل" أنه يقتل، وهو أحد حدوده الأربع، والقاتل له مأرب المال حال حرابته له، وأما