الحاكم ولو بعد حرابته إذا قدر عليه قبل توبته كما يأتي، (ثم يصلب فيقتل)، عطف على مقدر، أي فيقتل ثم إلخ، وثم للترتيب الإخباري، ولو قال: أو يصلب إلخ كان أحسن و (أو) في الآية للتخيير، والمعنى أن الإمام مخير بين أن يقتله بلا صلب، أو يصلبه على خشبة ونحوها حيا غير منكوس الرأس، ثم يقتله مصلوبا قبل نزوله على الأرجح، وهذا هو النوع الثاني من أنواع حده، وأشار للثالث بقوله:(أو ينفى) الذكر (الحر) البالغ العاقل (كالزنا) في مسافة البعد كفدك وخيبر من المدينة، ولكنه يسجن هنا حتى تظهر توبته أو يموت، وأما في الزنا فيسجن سنة، فالتشبيه ليس بتام ويكون النفي بعد الضرب باجتهاد الإمام، ولم يذكره المصنف، والقتل مع الصلب والضرب مع النفي ظاهر القرآن خلافه.
فلعله أخذ منه من المعنى، وذلك لأن الحرابة أشد من الزنا بدليل أن الحد فيها أشد، والزنا قرن النفي فيه بالجلد، ومجرد صلب بلا قتل ليس فيه كبير ردع المفسدين في الأرض، فعلم أنه لا يضمن قتله بعده، وأشار للرابع بقوله:(أو تقطع يمينه) أي يده اليمنى من الكوع (ورجله اليسرى) من مفصل الكعبين (ولاء) بلا تأخير ولو خيف عليه الموت؛ لأن القتل أحد حدوده، فإن كان مقطوع اليمنى أو أشلها قطعت يده اليسرى ورجله اليمنى؛ ليكون القطع من خلاف، وكذا إن كان أقطع الرجل اليسرى فتقطع يده اليسرى ورجله اليمنى، فإن لم يكن له إلا يد أو رجل قطعت، فإن كان له يدان أو رجلان فقط قطعت اليد اليمنى فقط، أو الرجل اليسرى فقط، وهذه الحدود الأربعة يخير الإمام فيها باعتبار المصلحة في حق الرجال الأحرار، وأما المرأة فلا تصلب ولا تنفى، وإنما حدها القتل أو القطع من خلاف، وأما العبد فحده ثلاثة، وهي ما عدا النفي كما أشار له المصنف - رحمه الله تعالى - بقوله: أو ينفى الحر، (وبالقتل يجب قتله) مجرد أو مع صلب، ولا يجوز قطعه أو نفيه بقتل حر مسلم بل، (ولو بكافر) أو عبد (أو بإعانة) على القتل بمسك أو إشارة بل، ولو يتقوى بجاهه إذ لولا جاهه ما تجرأ القاتل على القتل فجاهه أعانه عليه حكما، (ولو جاء) المحارب القاتل (تائبا) قبل القدرة عليه إذ توبته لا تسقط حقوق الآدميين، (وليس للولي) أي ولي المقتول (العفو) عن القاتل قبل مجيئه تائبا؛ لأن الحق لله، وأما بعد مجيئه تائبا فله العفو؛ لأن قتله حينئذ قصاص لا حراب (وندب) للإمام النظر بالمصلحة، ولا يتعين عليه شيء بخصوصه؛ لأن (أو) في الآية للتخيير، فالأولى (لذي التدبير) من المحاربين (القتل)؛ لأن