للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب - وقال مؤلف نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ما نصه:

(باب قاطع الطريق)

أي أحكامهم، وقطعه هو البروز لأخذ مال أو لقتل أو إرهاب مكابرة اعتمادا على الشوكة مع البعد عن الغوث كما سيأتي، والأصل فيه قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (١) الآية، قال جمهور العلماء: إنما نزلت في قطاع الطريق لا في الكفار، واحتجوا له بقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} (٢) الآية، إذ المراد التوبة عن قطع الطريق، ولو كان المراد الكفار لكانت توبتهم بإسلامهم، وهو دافع للعقوبة قبل القدرة وبعدها، (هو مسلم) لا حربي لعدم التزامه أحكامنا، ولا معاهد ومؤمن، أما الذمي فيثبت له حكم قطع الطريق كما قاله ابن المنذر في الإشراف، وصرح به الشافعي، قال الزركشي: وهو قضية إطلاق الأصحاب فإنهم لم يشرطوا الإسلام. اهـ.

ويمكن أن يقال: إنه مخصوص بغير الذمي، أو أن جميع أحكام قطاع الطريق لا تتأتى فيهم، أو أنه خرج بقوله مسلم الكافر، وفيه تفصيل، وهو أنه إن كان ذميا ثبت له حكم قطع الطريق، أو حربيا أو معاهدا أو مؤمنا فلا، والمفهوم إذا كان فيه تفصيل لا يرد (مكلف) أو سكران يختار، ولو قلنا: وامرأة فلا عقوبة على صبي ومجنون ومكره، وإن ضمنوا النفس والمال (له شوكة) أي قوة وقدرة، ولو واحدا يغلب جمعا، وقد تعرض للنفس أو البضع أو المال مجاهرا، (لا مختلسون يتعرضون لآخر قافلة يعتمدون الهرب)؛ لانتفاء الشوكة فحكمهم قودا أو ضمانا كغيرهم، والفرق عسر دفع ذي الشوكة بغير السلطان فغلظت عقوبته ردعا له، بخلاف نحو المختلس.

(والذين يغلبون شرذمة بقوتهم قطاع في حقهم) لاعتمادهم على الشوكة بالنسبة إليهم، (لا لقافلة عظيمة)، إذ لا قوة لهم بالنسبة إليهم، فالشوكة أمر نسبي فلو فقدت بالنسبة لجمع يقاومونهم لكن استسلموا لهم حتى أخذوهم، لم يكونوا قطاعا وإن كانوا ضامنين لما أخذوه؛ لأن ما فعلوه لا يصدر عن شوكتهم بل عن تفريط القافلة، (وحيث يلحق غوث) لو استغاثوا (ليسوا بقطاع) بل منتهبون (وفقد الغوث يكون للبعد) عن العمران أو السلطان (أو الضعف) بأهل العمران أو بالسلطان أو بغيرهما، كأن دخل جمع دارا وشهروا السلاح ومنعوا أهلها من الاستغاثة، فهم قطاع في حقهم، وإن كان السلطان موجودا قويا (وقد يغلبون والحالة هذه) أي وقد ضعف السلطان أو


(١) سورة المائدة الآية ٣٣
(٢) سورة المائدة الآية ٣٤