وآخر من روى " المسند " كاملا عنه -سوى نزر يسير منه، أسقط من النسخ- الشيخ الواعظ أبو علي بن المذهب، ولم يكن صاحب حديث، بل احتيج إليه في سماع هذا الكتاب، فرواه في الجملة، وعاش بعده عشرة أعوام الشيخ أبو محمد الجوهري، فكان خاتمة أصحاب القطيعي، وتفرد عنه بعدة أجزاء عالية، وبسماع مسند العشرة من " المسند ".
ثم حدث بالكتاب كله آخر أصحاب ابن المذهب وفاة: الشيخ الرئيس الكاتب أبو القاسم هبة الله بن محمد الشيباني بن الحصين، شيخ جليل مسند، انتهى إليه علو الإسناد، بمثل قبة الإسلام بغداد، وكان عريا من معرفة هذا الشأن أيضا، روى الكتاب عنه خلق كثير، من جملتهم: أبو محمد بن الخشاب إمام العربية، والحافظ أبو الفضل بن ناصر، والإمام ذو الفنون أبو الفرج ابن الجوزي، والحافظ الكبير أبو موسى المديني، والحافظ العلامة شيخ همذان أبو العلاء العطار، والحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر، والقاضي أبو الفتح بن المندائي الواسطي، والشيخ عبد الله بن أبي المجد الحربي، والمبارك بن المعطوش، والشيخ المبارك حنبل بن عبد الله الرصافي، في آخرين.
فأما الحافظ أبو موسى: فروى منه الكثير في تآليفه، ولم يقدم على ترتيبه ولا تحريره.
وأما ابن عساكر: فألف كتابا في أسماء الصحابة الذين فيه على المعجم، ونبه على ترتيب الكتاب.
وأما ابن الجوزي: فطالع الكتاب مرات عدة، وملأ تآليفه منه، ثم صنف " جامع المسانيد "، وأودع فيه أكثر متون " المسند "، ورتب وهذب، ولكن ما استوعب.