أو ينفوا من الأرض إن أرعبوا ولم يأخذوه، وهذا منه إما توقيف وهو الأقرب أو لغة، وكل منهما من مثله حجة؛ لأنه ترجمان القرآن؛ ولأن الله تعالى بدأ فيه بالأغلظ فكان مرتبا ككفارة الظهار، ولو أريد التخيير لبدأ بالأخف ككفارة اليمين، ومن أعانهم وكثر جمعهم مقتصرا على ذلك عزر بحبس وتغريب وغيرهما كبقية المعاصي، وتعبير أصله (بأو) لا ينافي كلام المصنف؛ إذ المرجع إلى رأي الإمام نظير ما مر فيمن أخافوا الطريق، (وقيل: يتعين التغريب إلى حيث يراه) الإمام وما تقتضيه المصلحة، وقيل: القاطع المتحتم يغلب فيه معنى القصاص، إذ الأصل في اجتماع حقه تعالى.
وحق الآدمي تغليب الثاني لكونه مبنيا على التضييق، وفي قول الحد لعدم صحة العفو عنه، ويستقل الإمام باستيفائه، فعلى الأول تلزمه الكفارة ولا يقتل بولده وإن سفل، وذمي وقن للأصالة أو لعدم الكفاءة، بل تلزمه الدية أو القيمة، وعلى الأول أيضا لو مات القاطع بلا قطع فدية للمقتول في ماله إن كان حرا، وإلا فقيمته، وعليه أيضا لو قتل جمعا معا، قتل بواحد وللباقين ديات، فإن قتلهم مرتبا قتل بالأول، وعليه أيضا لو عفا وليه بمال وجب وسقط القصاص، ويقتل حدا كما لو وجب قتل على مرتد فعفا عنه وليه، وعليه أيضا لو قتل بمثقل أو بقطع عضو فعل به مثله) رعاية للمماثلة كما مر في فصل القود، وإن نازع فيه البلقيني بأنه يقتل بالسيف على القولين، وقال: إن النص يقتضيه ويختص التحتم بالقتل والصلب دون غيرهما، فحينئذ لو جرح جرحا فيه قود كقطع يد فاندمل أو قتله عقبه لم يتحتم قصاص فيه في ذلك الجرح في الأظهر، بل يتخير المجروح بين القود والعفو على مال أو غيره؛ لأن التحتم تغليظ لحقه تعالى فاختص بالنفس كالكفارة.
أما إذا سرى إلى النفس فيتحتم القتل كما مر، والثاني يتحتم كالقتل، والثالث في اليدين والرجلين للشروع فيها القطع حدا دون غيرهما كالأذن والأنف والعين، وتسقط عقوبات تخص القاطع من تحتم وصلب وقطع رجل وكذا يد، كما شمل ذلك كلامه؛ لأن المختص به القاطع اجتماع قطعهما فهما عقوبة واحدة إذا سقط بعضها سقط كلها بتوبته عن قطع الطريق قبل القدرة عليه؛ لقوله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا}(١) الآية، والمراد بما قبل القدرة أن لا تمتد إليهم يد الإمام بهرب أو استخفاء أو امتناع، بخلاف ما لا تخصه كالقود وضمان المال لا بعدها، وإن صلح عمله على المذهب لمفهوم الآية، وإلا لم يكن لقبل فيها فائدة، والفرق أنه قبلها غير متهم فيها بخلافه بعدها لاتهامه بدفع الحد. ولو ادعى