وروى حبيب بن الشهيد، عن ابن أبي مليكة، قال: كان ابن الزبير يواصل سبعة أيام، ويصبح في اليوم السابع وهو أليثنا.
قلت: لعله ما بلغه النهي عن الوصال. ونبيك - صلى الله عليه وسلم - بالمؤمنين رءوف رحيم، وكل من واصل، وبالغ في تجويع نفسه، انحرف مزاجه، وضاق خلقه، فاتباع السنة أولى، ولقد كان ابن الزبير مع ملكه صنفا في العبادة.
أخبرنا إسحاق بن طارق، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا أحمد بن محمد، أخبرنا الحداد، أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا أبو حامد بن جبلة، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي، حدثنا أبو عاصم، عن عمر بن قيس، قال: كان لابن الزبير مائة غلام، يكلم كل غلام منهم بلغة أخرى، فكنت إذا نظرت إليه في أمر آخرته، قلت: هذا رجل لم يرد الدنيا طرفة عين. وإذا نظرت إليه في أمر دنياه، قلت: هذا رجل لم يرد الله طرفة عين.
وقال مجاهد: كان ابن الزبير إذا قام إلى الصلاة، كأنه عود، وحدث أن أبا بكر - رضي الله عنه - كان كذلك.
قال ثابت البناني: كنت أمر بابن الزبير، وهو خلف المقام يصلي، كأنه خشبة منصوبة لا تتحرك.
روى يوسف بن الماجشون، عن الثقة يسنده، قال: قسم ابن الزبير الدهر على ثلاث ليال؛ فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح.
يزيد بن إبراهيم التستري: عن عبد الله بن سعيد، عن مسلم بن يناق، قال: ركع ابن الزبير يوما ركعة، فقرأنا بالبقرة وآل عمران والنساء والمائدة وما رفع رأسه.
قلت: وهذا ما بلغ ابن الزبير فيه حديث النهي.
قال يزيد بن إبراهيم: عن عمرو بن دينار، قال: كان ابن الزبير يصلي في الحجر، والمنجنيق يصب توبه فما يلتفت، يعني: لما حاصروه.
وروى هشام بن عروة، عن ابن المنكدر قال: لو رأيت ابن الزبير يصلي كأنه غصن تصفقه الريح، وحجر المنجنيق يقع هاهنا.