للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكل من لم يذم نفسه في تعبده وأوراده بالسنة النبوية، يندم ويترهب ويسوء مزاجه، ويفوته خير كثير من متابعة سنة نبيه الرءوف الرحيم بالمؤمنين، الحريص على نفعهم، وما زال - صلى الله عليه وسلم - معلما للأمة أفضل الأعمال، وآمرا بهجر التبتل والرهبانية التي لم يبعث بها، فنهى عن سرد الصوم، ونهى عن الوصال، وعن قيام أكثر الليل إلا في العشر الأخير، ونهى عن العزبة للمستطيع، ونهى عن ترك اللحم إلى غير ذلك من الأوامر والنواهي. فالعابد بلا معرفة لكثير من ذلك معذور مأجور، والعابد العالم بالآثار المحمدية. المتجاوز لها مفضول مغرور، وأحب الأعمال إلى الله - تعالى - أدومها وإن قل. ألهمنا الله وإياكم حسن المتابعة، وجنبنا الهوى والمخالفة.

قال أحمد في مسنده: حدثنا قتيبة، حدثنا ابن لهيعة، عن واهب بن عبد الله المعافري، عن عبد الله بن عمرو، قال: رأيت فيما يرى النائم كأن في أحد أصبعي سمنا، وفي الأخرى عسلا، فأنا ألعقهما، فلما أصبحت، ذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: تقرأ الكتابين ; التوراة والفرقان. فكان يقرأهما.

ابن لهيعة ضعيف الحديث، وهذا خبر منكر، ولا يشرع لأحد بعد نزول القرآن أن يقرأ التوراة ولا أن يحفظها، لكونها مبدلة محرفة منسوخة العمل، قد اختلط فيها الحق بالباطل، فلتجتنب. فأما النظر فيها للاعتبار وللرد على اليهود، فلا بأس بذلك للرجل العالم قليلا، والإعراض أولى.

فأما ما روي من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لعبد الله أن يقوم بالقرآن ليلة وبالتوراة ليلة، فكذب موضوع قبح الله من افتراه. وقيل: بل عبد الله هنا هو ابن سلام. وقيل: إذنه في القيام بها أي يكرر على الماضي لا أن يقرأ بها في تهجده.

كامل بن طلحة: حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن عمرو، عن شفي، عن عبد الله بن عمرو، قال: حفظت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألف مثل.