للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرجل اليسرى أو بالعكس؛ لأن القطع زيادة في على ذلك يذهب بمنفعة الجنس، إما منفعة البطش أو المشي أو كليهما، وهذا مذهب أبي حنيفة، وعلى الرواية التي تستوفي أعضاء السارق الأربعة يقطع ما بقي من أعضائه، فإن كانت يده اليمنى مقطوعة قطعت رجله اليسرى وحدها، ولو كانت يداه صحيحتين ورجله اليسرى مقطوعة قطعت يمنى يديه ولم يقطع غير ذلك وجها واحدا، وهو مذهب الشافعي، ولا نعلم فيه خلافا؛ لأنه وجد في محل الحد ما يستوفي فاكتفي باستيفائه، كما لو كانت اليد ناقصة بخلاف التي قبلها، وإن كان ما وجب قطعه أشل فذكر أهل الطب أن قطعه يفضي إلى تلفه لم يقطع، وكان حكمه حكم المعدوم، وإن قالوا: لا يفضي إلى تلفه ففي قطعه روايتان ذكرناهما في قطع السارق.

(الحال الرابع): إذا أخافوا السبيل ولم يقتلوا ولم يأخذوا مالا.

(الحال الخامس): إذا تابوا قبل القدرة عليهم، ويأتي ذكر حكهما - إن شاء الله تعالى -.

مسألة: قال: (ولا يقطع منهم إلا من أخذ ما يقطع السارق في مثله).

وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر، قال مالك وأبو ثور: للإمام أن يحكم عليه حكم المحارب؛ لأنه محارب لله ولرسوله، ساع في الأرض بالفساد فيدخل في عموم الآية، ولأنه لا يعتبر الحرز، فكذلك النصاب.

ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا قطع إلا في ربع دينار (١)»، ولم يفصل، ولأن هذه جناية تعلقت بها عقوبة في حق غير المحارب فلا تتغلظ في المحارب بأكثر من وجه واحد كالقتل يغلظ بالانختام، كذلك ههنا تتغلظ بقطع الرجل معها ولا تتغلظ بما دون النصاب، وأما الحرز فهو معتبر فإنهم لو أخذوا مالا مضيعا لا حافظ له لم يجب القطع، وإن أخذوا ما يبلغ نصابا ولا تبلغ حصة كل واحد منهم نصابا قطعوا على قياس قولنا في السرقة، وقياس قول الشافعي وأصحاب الرأي أنه لا يجب القطع حتى تبلغ حصة كل واحد منهم نصابا، ويشترط أيضا أن لا تكون لهم شبهة فيما يأخذونه من المال على ما ذكرنا في المسروق.


(١) رواه النسائي (كتاب قطع السارق ص٨١.