للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أحمد بن عبد الرحمن بحشل: طلب عباد بن محمد الأمير عمي ليوليه القضاء، فتغيب عمي، فهدم عباد بعض دارنا، فقال الصباحي لعباد: متى طمع هذا الكذا وكذا أن يلي القضاء؟! فبلغ ذلك عمي، فدعا عليه بالعمى. قال: فعمي الصباحي بعد جمعة.

قال حجاج بن رشدين: سمعت عبد الله بن وهب يتذمر ويصيح، فأشرفت عليه من غرفتي، فقلت: ما شأنك يا أبا محمد؟ قال: يا أبا الحسن، بينما أنا أرجو أن أحشر في زمرة العلماء، أحشر في زمرة القضاة. قال: فتغيب في يومه، فطلبوه.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا حرملة: سمعت ابن وهب يقول: نذرت أني كلما اغتبت إنسانا أن أصوم يوما، فأجهدني، فكنت أغتاب وأصوم، فنويت أني كلما اغتبت إنسانا أن أتصدق بدرهم، فمن حب الدراهم تركت الغيبة.

قلت: هكذا والله كان العلماء وهذا هو ثمرة العلم النافع، وعبد الله حجة مطلقا، وحديثه كثير في الصحاح، وفي دواوين الإسلام، وحسبك بالنسائي وتعنته في النقد حيث يقول: وابن وهب ثقة، ما أعلمه روى عن الثقات حديثا منكرا.

قلت: أكثر في تواليفه من المقاطيع والمعضلات، وأكثر عن ابن سمعان وبابته، وقد تمعقل بعض الأئمة على ابن وهب في أخذه للحديث، وأنه كان يترخص في الأخذ، وسواء ترخص ورأى ذلك سائغا، أو تشدد، فمن يروي مائة ألف حديث، وينذر المنكر في سعة ما روى، فإليه المنتهى في الإتقان.

قال أبو الطاهر بن عمرو: جاءنا نعي ابن وهب، ونحن في مجلس سفيان بن عيينة، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، أصيب به المسلمون عامة، وأصبت به خاصة.

قلت: قد كان ابن وهب له دنيا وثروة، فكان يصل سفيان، ويبره، فلهذا يقول: أصبت به خاصة.

قال يونس بن عبد الأعلى: كانوا أرادوا ابن وهب على القضاء، فتغيب. قال: ومات في شعبان سنة سبع تسعين ومائة.