وروى عبد الحميد الحماني، عن أبي حنيفة قال: ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء بن أبي رباح، ولا لقيت أكذب من جابر الجعفي، ما أتيته قط بشيء إلا جاءني فيه بحديث، وزعم أن عنده كذا وكذا ألف حديث، من رأيي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينطق بها.
وقال محمد بن عبد الله الديباج ما رأيت مفتيا خيرا من عطاء، إنما كان مجلسه ذكر الله لا يفتر، وهم يخوضون، فإن تكلم أو سئل عن شيء أحسن الجواب.
وروى أيوب بن سويد، عن الأوزاعي قال: مات عطاء بن أبي رباح يوم مات، وهو أرضى أهل الأرض عند الناس، وما كان يشهد مجلسه إلا تسعة أو ثمانية.
وقال الثوري، عن سلمة بن كهيل: ما رأيت أحدا يريد بهذا العلم وجه الله غير هؤلاء الثلاثة: عطاء، وطاوس، ومجاهد.
قال ابن جريج: كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة، وكان من أحسن الناس صلاة.
وقال إسماعيل بن عياش: قلت لعبد الله بن عثمان بن خثيم: ما كان معاش عطاء؟ قال: صلة الإخوان، ونيل السلطان.
قال الأصمعي: دخل عطاء بن أبي رباح على عبد الملك، وهو جالس على السرير، وحوله الأشراف، وذلك بمكة في وقت حجه في خلافته، فلما بصر به عبد الملك، قام إليه فسلم عليه، وأجلسه معه على السرير، وقعد بين يديه، وقال: يا أبا محمد: حاجتك؟ قال: يا أمير المؤمنين! اتق الله في حرم الله، وحرم رسوله، فتعاهده بالعمارة، واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار، فإنك بهم جلست هذا المجلس، واتق الله في أهل الثغور، فإنهم حصن المسلمين، وتفقد أمور المسلمين، فإنك وحدك المسئول عنهم، واتق الله فيمن على بابك، فلا تغفل عنهم، ولا تغلق دونهم بابك، فقال له: أفعل، ثم نهض وقام، فقبض عليه عبد الملك وقال: يا أبا محمد! إنما سألتنا حوائج غيرك، وقد قضيناها، فما حاجتك؟ قال: ما لي إلى مخلوق حاجة، ثم خرج، فقال عبد الملك: هذا وأبيك الشرف، هذا وأبيك السؤدد.