وهو حجة بالإجماع إذا بين السماع، فإنه مدلس معروف بذلك، وكان يرى القدر، نسأل الله العفو. ومع هذا فما توقف أحد في صدقه، وعدالته وحفظه، ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه، وبذل وسعه، والله حكم عدل لطيف بعباده، ولا يسأل عما يفعل. ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه، وعلم تحريه للحق، واتسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعرف صلاحه وروعه واتباعه، يغفر له زلله، ولا نضلله ونطرحه، وننسى محاسنه. نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك.
قال معمر: أقام قتادة عند سعيد بن المسيب ثمانية أيام، فقال له في اليوم الثالث: ارتحل يا أعمى فقد أنزفتني.
قال معمر: وسمعت قتادة يقول: ما في القرآن آية إلا وقد سمعت فيها شيئا، وعنه قال: ما سمعت شيئا إلا وحفظته. قال عبد الرزاق: قتادة من بكر بن وائل.
وقال يحيى بن معين: ولد قتادة سنة ستين، وكان من سدوس. قال الإمام أحمد: مولد قتادة والأعمش واحد.
عبد الرزاق، عن معمر، قيل للزهري: أقتادة أعلم عندكم أو مكحول؟.
قال: لا بل قتادة، ما كان عند مكحول إلا شيء يسير.
عبد الرزاق، عن معمر، قال: قال محمد بن سيرين: قتادة أحفظ الناس، أو من أحفظ الناس.
أبو هلال الراسبي، عن غالب القطان، عن بكر المزني، قال من سره أن ينظر إلى أحفظ من أدركنا، فلينظر إلى قتادة.
جرير، عن مغيرة، قال الشعبي: قتادة حاطب ليل. قال يحيى بن يوسف الزمي: حدثنا ابن عيينة، قال لي عبد الكريم الجوزي: يا أبا محمد، تدري ما حاطب ليل؟ قلت: لا، قال: هو الرجل يخرج في الليل فيحتطب، فيضع يده على أفعى فتقتله، هذا مثل ضربته لك لطالب العلم، أنه إذا حمل من العلم ما لا يطيقه، قتله علمه، كما قتلت الأفعى حاطب الليل.