المدائني: عن أبي عبد الرحمن العجلاني، عن سعيد بن عبد الرحمن بن حسان، قال: دخل قيس بن سعد في رهط من الأنصار على معاوية، فقال: يا معشر الأنصار! بما تطلبون ما قبلي؟ فوالله لقد كنتم قليلا معي، كثيرا علي، وأفللتم حدي يوم صفين، حتى رأيت المنايا تلظى في أسنتكم، وهجوتموني حتى إذا أقام الله ما حاولتم ميله، قلتم: ارع فينا وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هيهات يأبى الحقين العذرة فقال قيس: نطلب ما قبلك بالإسلام الكافي به الله ما سواه، لا بما تمت به إليك الأحزاب، فأما عداوتنا لك، فلو شئت كففتها عنك، وأما الهجاء فقول يزول باطله، ويثبت حقه، وأما استقامة الأمر عليك فعلى كره منا، وأما فلنا حدك، فإنا كنا مع رجل نرى طاعته لله، وأما وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنا، فمن أبه رعاها. وأما قولك: يأبى الحقين العذرة، فليس دون الله يد تحجزك، فشأنك. فقال معاوية: سوءة. ارفعوا حوائجكم.
أبو تميلة - يحيى بن واضح -: أنبأنا رجل من ولد الحارث بن الصمة، يكنى أبا عثمان، أن قيصر بعث إلى معاوية: ابعث إلي سراويل أطول رجل من العرب، فقال لقيس بن سعد: ما أظننا إلا قد احتجنا إلى سراويلك، فقام فتنحى وجاء، فألقاها، فقال: ألا ذهبت إلى منزلك، ثم بعثت بها؟ فقال:
أردت بها كي يعلم الناس أنها
سراويل قيس والوفود شهود
وأن لا يقولوا غاب قيس وهذه
سراويل عادي نمته ثمود
وإني من الحي اليماني سيد
وما الناس إلا سيد ومسود
فكدهم بمثلي إن مثلي عليهم
شديد وخلقي في الرجال مديد
فأمر معاوية بأطول رجل في الجيش فوضعت على أنفه، قال: فوقفت بالأرض.