ثم قال همام: وحدثني بسطام بن مسلم، حدثنا معاوية بن قرة، أنهم تذاكروا ذلك الكتاب، فمر بهم شهر بن حوشب، فقال: على الخبير سقطتم؛ إن كعبا لما احتضر، قال: ألا رجل أئتمنه على أمانة؟ فقال رجل: أنا، فدفع إليه ذلك الكتاب، وقال: اركب البحيرة، فإذا بلغت مكان كذا وكذا، فاقذفه، فخرج من عند كعب، فقال: كتاب فيه علم، ويموت كعب لا أفرط به، فأتى كعبا وقال: فعلت ما أمرتني به قال: فما رأيت؟ قال: لم أر شيئا، فعلم كذبه، فلم يزل يناشده، ويطلب إليه حتى رده عليه، فقال: ألا من يؤدي أمانة؟ قال رجل: أنا.
فركب سفينة، فلما أتى ذلك المكان، ذهب ليقذفه، فانفرج له البحر، حتى رأى الأرض، فقذفه، وأتاه، فأخبره. فقال كعب: إنها التوراة كما أنزلها الله على موسى ما غيرت ولا بدلت، ولكن خشيت أن يتكل على ما فيها، ولكن قولوا: لا إله إلا الله، ولقنوها موتاكم.
هكذا رواه ابن أبي خيثمة في " تاريخه " عن هدبة، عن همام. وشهر لم يلحق كعبا.
وهذا القول من كعب دال على أن تيك النسخة ما غيرت ولا بدلت، وأن ما عداها بخلاف ذلك. فمن الذي يستحل أن يورد اليوم من التوراة شيئا على وجه الاحتجاج معتقدا أنها التوراة المنزلة؟ كلا والله.