وكان يأتي موضعا من المسجد يتمرغ فيه ويضطجع، فقيل له في ذلك، فقال: إني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الموضع.
ويروى أنه حج، فوهب كل ما معه حتى بقي في إزار، فلما نزل بالروحاء، قال وكيله: ما بقي معنا درهم، فرفع صوته بالتلبية، فلبى أصحابه، ولبى الناس، وبالماء محمد بن هشام، فقال: إني أظن محمد بن المنكدر بالماء، فنظروا، فقالوا: نعم. قال: ما أظن معه شيئا، احملوا إليه أربعة آلاف، فأتي محمد بها.
قال المنكدر بن محمد: كان أبي يحج بولده، فقيل له: لم تحج بهؤلاء؟.
قال: أعرضهم لله.
قال سعيد بن عامر: قال ابن المنكدر. بات أخي عمر يصلي، وبت أغمز قدم أمي، وما أحب أن ليلتي بليلته.
وقال ابن عيينة: تبع ابن المنكدر جنازة سفيه، فعوتب، فقال: والله إني لأستحيي من الله أن أرى رحمته عجزت عن أحد. الفسوي: حدثنا زيد بن بشر، حدثنا ابن وهب، حدثني ابن زيد، قال: خرج ناس غزاة في الصائفة، فيهم محمد بن المنكدر، فبيناهم يسيرون في الساقة، قال رجل منهم: أشتهي جبنا رطبا، قال محمد: فاستطعمه الله، فإنه قادر، فدعا القوم، فلم يسيروا إلا شيئا حتى وجدوا مكتلا، فإذا هو جبن رطب، فقال بعضهم: لو كان لهذا عسل، فقال: الذي أطعمكموه قادر على ذلك. فدعوا، فساروا قليلا، فوجدوا فاقرة عسل على الطريق، فنزلوا فأكلوا الجبن والعسل. سويد بن سعيد: حدثنا خالد بن عبد الله اليمامي، قال: استودع محمد بن المنكدر وديعة فاحتاج فأنفقها. فجاء صاحبها فطلبها، فتوضأ وصلى ودعا، فقال: يا ساد الهواء بالسماء، ويا كابس الأرض على الماء، ويا واحد قبل كل أحد وبعد كل أحد، أد عني أمانتي، فسمع قائلا يقول: خذ هذه فأد بها عن أمانتك، واقصر في الخطبة، فإنك لن تراني. رواها ابن أبي الدنيا عن سويد، وقيل: كانت مائة دينار.