للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو محمد الفرغاني: حدثني أبو بكر الدينوري قال: لما كان وقت صلاة الظهر من يوم الاثنين الذي توفي فيه -في آخره- ابن جرير طلب ماء ليجدد وضوءه، فقيل له: تؤخر الظهر تجمع بينها وبين العصر. فأبى وصلى الظهر مفردة، والعصر في وقتها أتم صلاة وأحسنها.

وحضر وقت موته جماعة منهم: أبو بكر بن كامل، فقيل له قبل خروج روحه: يا أبا جعفر، أنت الحجة فيما بيننا وبين الله فيما ندين به، فهل من شيء توصينا به من أمر ديننا، وبينة لنا نرجو بها السلامة في معادنا؟ فقال: الذي أدين الله به وأوصيكم هو ما ثبت في كتبي، فاعملوا به وعليه. وكلاما هذا معناه، وأكثر من التشهد وذكر الله -عز وجل-، ومسح يده على وجهه، وغمض بصره بيده، وبسطها وقد فارقت روحه الدنيا. وكان مولده سنة أربع وعشرين ومائتين ورحل من آمل لما ترعرع وحفظ القرآن، وسمح له أبوه في أسفاره، وكان طول حياته يمده بالشيء بعد الشيء إلى البلدان، فيقتات به، ويقول فيما سمعته: أبطأت عني نفقة والدي، واضطررت إلى أن فتقت كمي قميصي فبعتهما.

قلت: جمع طرق حديث: غدير خم، في أربعة أجزاء، رأيت شطره، فبهرني سعة رواياته، وجزمت بوقوع ذلك.

قيل لابن جرير: إن أبا بكر بن أبي داود يملي في مناقب علي. فقال: تكبيرة من حارس. وقد وقع بين ابن جرير وبين ابن أبي داود، وكان كل منهما لا ينصف الآخر، وكانت الحنابلة حزب أبي بكر بن أبي داود، فكثروا وشغبوا على ابن جرير، وناله أذى، ولزم بيته، نعوذ بالله من الهوى.

وكان ابن جرير من رجال الكمال، وشنع عليه بيسير تشيع، وما رأينا إلا الخير، وبعضهم ينقل عنه أنه كان يجيز مسح الرجلين في الوضوء، ولم نر ذلك في كتبه.