للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وله جواب آخر على قاعدة مراعاة سبب اليمين ونية الحالف، فما كان عليه أن يقول لها ما قالته، إذ من المعلوم بقرينة الحال استثناء ذلك قطعا ; لأنه ما قصد إلا أنها إذا قالت له ما يؤذيه أن يؤذيها بمثله، ولو جاوبها بالطلاق لسرت هي، ولتأذى هو، كما استثني من عموم قوله تعالى: وأوتيت من كل شيء بقرينة الحال أنها لم تؤت لحية ولا إحليلا.

ومن المعلوم استثناؤه بالضرورة التي لم يقصدها الحالف قط لو حلف: لا تقولي لي شيئا إلا قلت لك مثله، أنها لو كفرت وسبت الأنبياء فلم يجاوبها بمثل ذلك لأحسن.

ثم يقول طائفة من الفقهاء: إنه لم يحنث إلا أن يكون -والعياذ بالله- قصد دخول ذلك في يمينه.

وأما على مذهب داود بن علي، وابن حزم، والشيعة، وغيرهم، فلا شيء عليه، ورأوا الحلف والأيمان بالطلاق من أيمان اللغو، وأن اليمين لا تنعقد إلا بالله.

وذهب إمام في زماننا إلى أن من حلف على حض أو منع بالطلاق، أو العتاق، أو الحج ونحو ذلك فكفارته كفارة يمين، ولا طلاق عليه.

قال ابن جرير في كتاب " التبصير في معالم الدين ": القول فيما أدرك علمه من الصفات خبرا، وذلك نحو إخباره تعالى أنه سميع بصير، وأن له يدين بقوله: بل يداه مبسوطتان وأن له وجها بقوله: ويبقى وجه ربك وأنه يضحك بقوله في الحديث: لقي الله وهو يضحك إليه وأنه ينزل إلى سماء الدنيا لخبر رسوله بذلك وقال -عليه السلام-: ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن.

إلى أن قال: فإن هذه المعاني التي وصفت ونظائرها مما وصف الله نفسه ورسوله ما لا يثبت حقيقة علمه بالفكر والروية، لا نكفر بالجهل بها أحدا إلا بعد انتهائها إليه.