فأتيته ذات يوم وقد كتبوا كتابا، فنسقوا كلاما من هذا النحو: إن الله ربنا، ومحمدا نبينا، والقرآن إمامنا، ومن كان معنا كنا وكنا، ومن خالفنا كانت يدنا عليه وكنا وكنا. قال: فجعل يعرض الكتاب عليهم رجلا رجلا، فيقولون: أقررت يا فلان؟ حتى انتهوا إلي فقالوا: أقررت يا غلام؟ قلت: لا، قال -يعني زيدا-: لا تعجلوا على الغلام، ما تقول يا غلام؟ قلت: إن الله قد أخذ علي عهدا في كتابه، فلن أحدث عهدا سوى العهد الذي أخذه علي.
فرجع القوم من عند آخرهم ما أقر منهم أحد، وكانوا زهاء ثلاثين نفسا.
قال قتادة: فكان مطرف إذا كانت الفتنة نهى عنها وهرب، وكان الحسن ينهى عنها ولا يبرح.
قال مطرف: ما أشبه الحسن إلا برجل يحذر الناس السيل ويقوم بسننه.
وبه، قال أبو نعيم حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا إسحاق، أنبأنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن قتادة قال: كان مطرف بن عبد الله وصاحب له سريا في ليلة مظلمة، فإذا طرف سوط أحدهما عنده ضوء، فقال: أما إنه لو حدثنا الناس بهذا، كذبونا. فقال مطرف: المكذب أكذب - يقول: المكذب بنعمة الله أكذب.
وبه، حدثنا أبو حامد بن جبلة: حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا الحسين بن منصور، حدثنا حجاج، عن مهدي بن ميمون، عن غيلان بن جرير، قال: أقبل مطرف مع ابن أخ له من البادية -وكان يبدو- فبينا هو يسير سمع في طرف سوطه كالتسبيح فقال له ابن أخيه: لو حدثنا الناس بهذا، كذبونا. فقال: المكذب أكذب الناس.