وعن عباس بن محمد، عن ابن معين قال: حضرنا نعيم بن حماد بمصر، فجعل يقرأ كتابا من تصنيفه، فقرأ ساعة، ثم قال: حدثنا ابن المبارك، عن ابن عون بأحاديث، فقلت: ليس ذا عن ابن المبارك، فغضب، وقال: ترد علي؟! قلت: إي والله، أرد عليك، أريد زينك، فأبى أن يرجع، فقلت: لا والله ما سمعت أنت هذا من ابن المبارك قط، ولا هو من ابن عون، فغضب، وغضب من كان عنده من أصحاب الحديث، وقام، فأخرج صحائف، فجعل يقول: أين الذين يزعمون أن يحيى بن معين ليس أمير المؤمنين في الحديث؟ نعم يا أبا زكريا غلطت، وكانت صحائف فغلطت، فجعلت أكتب من حديث ابن المبارك، عن ابن عون، وإنما رواها عن ابن عون غير ابن المبارك.
هذه الحكاية أوردها شيخنا أبو الحجاج منقطعة، فقال: روى الحافظ أبو نصر اليونارتي بإسناده عن عباس.
قال أحمد العجلي: نعيم بن حماد ثقة مروزي.
وقال أبو زرعة الدمشقي: يصل أحاديث يوقفها الناس.
وقال أبو حاتم: محله الصدق.
العباس بن مصعب قال: وضع نعيم بن حماد الفارضي كتبا في الرد على أبي حنيفة، وناقض محمد بن الحسن، ووضع ثلاثة عشر كتابا في الرد على الجهمية، وكان من أعلم الناس بالفرائض.
فقال ابن المبارك: نعيم هذا قد جاء بأمر كبير، يريد أن يبطل نكاحا قد عقد، ويبطل بيوعا قد تقدمت، وقوم توالدوا على هذا، ثم خرج إلى مصر، فأقام بها نحو نيف وأربعين سنة، وكتبوا عنه بها، وحمل إلى العراق فى امتحان " القرآن مخلوق " مع البويطي مقيدين، فمات نعيم بالعسكر سنة تسع وعشرين.
قلت: نعيم من كبار أوعية العلم، لكنه لا تركن النفس إلى رواياته.