للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأخ سيد عزيز باشا السكرتير العام لاتحاد الجمعيات الإسلامية في لندن، يفيد فيه بأنه تلقى رسالة من الجمعية الملكية البريطانية لمنع القسوة على الحيوان ترجو منه فيها إقناع الجماعات الإسلامية المستوطنة في بريطانيا، بقبول أكل لحوم الحيوانات التي يتم صعقها قبل ذبحها، وذكر أن هذه الجمعية أشارت في رسالتها إلى أن القاضي الأكبر في تنزانيا، كان قد خطب في الناس، بأنه ليس هناك نص في القرآن يحرم أكل اللحوم التي تم صعق بهائمها أو حيواناتها قبل ذبحها، وقد طلب المذكور الفتوى الصحيحة في ذلك، نرجو من سماحتكم التفضل بإصدار فتوى حول هذا الموضوع، وموافاتنا بها حتى يتسنى لنا إجابة المذكور باللازم.

وقد أجابت اللجنة بما يلي:

أولا: إن كان صعقها بضرب رأسها أو تسليط تيار كهربائي عليها مثلا فماتت من ذلك قبل أن تذكى فهي موقوذة لا تؤكل، ولو قطع رقبتها أو نحرها في لبتها بعد ذلك، وقد حرمها الله تعالى في قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ} (١)، وقد أجمع علماء الإسلام على تحريم مثل هذه الذبيحة، وإن أدركت حية بعد صقعها بما ذكر ونحوه وذبحت أو نحرت جاز أكلها؛ لقوله تعالى في آخر هذه الآية بالنسبة للمنخنقة: {وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (٢)، فاستثنى سبحانه من هذه المحرمات ما أدرك منها حيا وذكي فيؤكل؛ لتأثير التذكية فيه، بخلاف ما مات منها بالصعق قبل الذبح أو النحر، فإن التذكية لا تأثير لها في حله، وبهذا يعلم أن القران حرم ما يصعق من الحيوانات إذا مات بالصعق قبل تذكيته؛ لأن المصعوقة موقوذة، وقد بين الله في آية المائدة تحريمها، إلا إذا أدركت حية وذكيت بذبح أو نحر.

ثانيا: يحرم صعق الحيوان بضرب، أو تسليط كهرباء، أو نحوها عليه، لما فيه من تعذيبه، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إيذائه وتعذيبه، وأمر بالرفق والإحسان مطلقا، وفي الذبح خاصة، فقد روى مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تتخذوا شيئا فيه غرضا (٣)»، وروى مسلم عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «نهى


(١) سورة المائدة الآية ٣
(٢) سورة المائدة الآية ٣
(٣) صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٥٧)، سنن الترمذي الأطعمة (١٤٧٥)، سنن النسائي الضحايا (٤٤٤٣)، سنن ابن ماجه الذبائح (٣١٨٧)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٩٧).