فكنت يوما جالسا أكتب، فوقف علي رجل عليه أثر السفر، معه عصا وركوة، فقال: يا بني، هذه دار أبي عبد الله؟ قلت: نعم. قال: تراه في البيت؟ قلت: من أنت؟ قال: أنا يحيى بن يحيى، فوثبت مسرورا وأخبرت أبي، فأطرق مليا، وقال: أبلغه مني السلام، وقل: آتاك الله ثواب ما نويت. فرجعت شبه الخجل، فقال: أستودعك الله يا بني. . ومضى.
فهذه حكاية باطلة، لم يتم من ذلك شيء، وإنما طلب عبد الله بعد موت يحيى بن يحيى، وأيضا فما نعلم أن يحيى دخل بغداد.
الحاكم: سمعت محمد بن حامد، سمعت أبا محمد المنصوري، سمعت محمد بن عبد الوهاب، سمعت الحسين بن منصور يقول: أراد يحيى بن يحيى الحج، فاستأذن عبد الله بن طاهر الأمير، فقال: أنت من الإسلام بالعروة الوثقى، فلا آمن أن تمتحن، فتصير إلى مكروه، فهذا الإذن، وهذه النصيحة. فقعد.
وبلغنا أن يحيى أوصى بثياب بدنه لأحمد بن حنبل، فلما قدمت على أحمد، أخذ منها ثوبا واحدا للبركة، ورد الباقي، وقال: إنه ليس تفصيل ثيابه من زي بلدنا.
قال محمد بن عبد الوهاب، وغيره: مات يحيى بن يحيى في أول ربيع الأول سنة ست وعشرين ومائتين.
وقال أبو عمرو المستملي: سمعت أبا أحمد الفراء يقول: أخبرني زكريا بن يحيى بن يحيى قال: أوصى أبي بثياب جسده لأحمد، فأتيته بها في منديل، فنظر إليها، وقال: ليس هذا من لباسي، ثم أخذ ثوبا واحدا، ورد الباقي.
قال محمد بن عبد الوهاب: وسمعت الحسين بن منصور، سمعت عبد الله بن طاهر الأمير يقول: رأيت في النوم في رمضان كأن كتابا أدلي من السماء، فقيل لي: هذا الكتاب فيه اسم من غفر له، فقمت، فتصفحت فيه، فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم. يحيى بن يحيى.