للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بساطة: إن كان صانع يعرف سر صنعته، لماذا صنعها؟ ولماذا صنعها على نحو معين دون غيره؟

والله تعالى هو صانع الإنسان وخالقه، ومدبر أمره.

فلنسأله: يا رب لماذا خلقت هذا الإنسان؟

هل خلقته لمجرد الطعام والشراب؟ هل خلقته للهو واللعب؟ هل خلقته لمجرد أن يمشي على التراب ويأكل مما خرج من التراب، ثم يعود كما كان إلى التراب، فإذا لم يكن الأمر كذلك فما سر هذه القوى والملكات التي أودعها الله الإنسان من عقل وإرادة ونفس وروح.

لقد جاء جواب ذلك بما يشفي ويكفي في الكتاب العزيز الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (١) حيث نص - تبارك وتعالى - على أنه خلق هذا الإنسان ليكون خليفة في الأرض:

قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٢)، وهذه الخلافة معناها أن يعرف الإنسان ربه حق معرفته، ويعبده حق عبادته.

قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} (٣).

ويقول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (٤) {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} (٥) {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (٦) وإذن فالجواب البدهي الذي تنطلق به الفطرة في هذا الكون أن الإنسان عبد الله، خلق لذلك، وسخر الله له ما في السماوات وما في الأرض من أجل تحقيق هذا


(١) سورة فصلت الآية ٤٢
(٢) سورة البقرة الآية ٣٠
(٣) سورة الطلاق الآية ١٢
(٤) سورة الذاريات الآية ٥٦
(٥) سورة الذاريات الآية ٥٧
(٦) سورة الذاريات الآية ٥٨