وفي هذا العصر الذي ادلهمت فيه الظلمات، وانقلبت فيه الحقائق، وتغيرت فيه المفاهيم، يتساءل الفرد المسلم عن طريق الخلاص يتساءل وهو حائر بين هذه الجماعات المتصارعة، والأحزاب المتناحرة، والدعوات المتفرقة ذات المناهج المختلفة التي تدعي لنفسها السير على المنهج الصحيح.
وكل يدعي وصلا لليلى ... وليلى لا تقر لهم بذاك
وهذه الدعوات لا يخلو أمرها من حالين:
إحداهما: الخطأ في المنهج والسلوك.
كمناهج الطرق الصوفية التي ذكرنا فيما سبق بعض مقالاتهم الإلحادية التي لا تمت إلى الدين بصلة بل صرفت اتباعها عن الاعتماد على الكتاب والسنة اللذين هما مصدر شريعة الإسلام، والحال الثانية، الخطأ في الفكر. كمثل جماعات الدعوة الإسلامية المعاصرة، والتي تنطلق في دعواتها من منطلق حزبي ضيق.
الأمر الذي بعد بهم عن منهج السلف الصالح، إذ أن هذه الجماعات لم تؤسس بناء دعوتها على توحيد الباري - جل وعلا - والعقيدة السلفية الصافية من الشوائب.
فإن من تأثر بتلك الدعوات إن كان من أهل العقيدة أصلا لا يكون ولاؤه لها، ولا يكون فكره متفقا معها، بسبب سيطرة هذه المناهج على أفكاره، حتى ماتت العقيدة في نفسه؛ فأصبح لا يدعو لها، وإن كان يعتقدها، لكنه بعد عنها تحت تأثير المنهج الحزبي؛ لأنه يوالي ويعادي على ذلك الفكر الضيق، الذي بني على غير أسس سليمة، فلا يكون للعقيدة مكان ولا مجال في التطبيق العملي، ولا تعطي ثمراتها الطيبة اليانعة، فهي لا تفيد معتقدها؛ لأنها قد فقدت روحها، فأصبحت بلا روح، كالجذوة التي استترت وانغمرت تحت الرماد.
وخطورة هذا الأمر لا تقل عن الجهل بالعقيدة، فإن من يعرف العقيدة ولا يدعو إليها، هو كالجاهل بها سواء بسواء، وهؤلاء إنما أصيبوا بالخرس عن الدعوة إلى العقيدة بدعوى أن ذلك يفرق الأمة، ويمزق كيانها؛ لأنهم يريدون أن يجمعوا تحت لوائهم من