هب ودب، لا فرق في ذلك عندهم بين ملتزم بالعقيدة الصحيحة وغيره.
إذ أن الهدف الذي يقصدونه هو مجرد الجمع دون تمييز، وهذا منهج بلا شك سينتهي بأصحابه إلى الفشل الذريع؛ نظرا لكونه قد بني على غير أسس سليمة، وذلك أن أصحاب هذا المسلك أتوا من عدم الفهم والإدراك الصحيح، حيث لم يفرقوا في الدعوة، بين الأصول والفروع.
فتراهم يبدءون بالدعوة إلى بعض الفروع، ويزعمون أنه متى أقيم هذا الفرع، فإنه سوف يوجد الأصل تلقائيا؛ ولذا نرى كثيرا منهم يهتمون بالجانب السياسي، بدعوى أنه متى وجدت الدولة التي ينشدونها عند ذلك تصلح العقيدة وغيرها، مما فسد من أحوال المسلمين، وهذا تصور غير صحيح؛ لأن صاحب هذا التصور ذكر شيئا، وغابت عنه أشياء.
هذا على فرض أن صاحب هذا الفكر حسن النية، بيد أننا نشك في حسن نيته، وإنما يروج بذلك على أولئك الذين لا رسوخ لهم في فهم العقيدة مستغلا عواطفهم نحوها، لكنه ينوي خلاف ذلك؛ لأنه ليس من أهل العقيدة ولا أدل على ذلك من كونه يدعي أن الدعوة إلى العقيدة تفرق الأمة كما أسلفنا.
نعم الإسلام دين ودولة، وعقيدة وشريعة، ولكن يجب أن نأخذه كوحدة متكاملة بحيث ينطلق في سياسته، وجميع أموره من العقيدة الإسلامية المستمدة من الكتاب والسنة، وهما كفيلان ببيان منهج الدعوة الإسلامية كما فصلنا ذلك فيما تقدم.
لا بمجرد الدعاية والأناشيد الحماسية والهتافات، والشعارات الجوفاء التي لم يستفد منها المسلمون سوى القضاء على الدعوة وأهلها في كثير من البلاد، حيث يهيجون الشباب المسلم، ويلهبون حماسه ويستثيرونه، إلى أن يثور ويتحرك فيقع في أيدي الطغاة الظلمة أعداء الإسلام والمسلمين؛ فيقضون على هؤلاء الشباب، ويهدرون هذه الطاقة نتيجة لذلك المسلك الخاطئ، الذي تسلكه تلك الجماعات في دعوتها، وإذا أردنا أن يتحقق للمسلمين، ما يصبون إليه، وما يتطلعون إليه، من العودة بالمسلمين إلى الإسلام الصحيح، فعلينا أن نسلك بهم طريق التعليم والتربية، وتفقيه الشباب المسلم الشوائب التي علقت بالدين ودعوته، وتلك الرواسب التي أكل عليها الدهر وشرب، والتي