للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انحرفت بالمسلمين عن الجادة الصحيحة التي رسمها لهم الله - عز وجل - في كتابه المبين، وبينها رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - في سنته المطهرة، ولنا أسوة حسنة في أولئك الدعاة المصلحين الذين أسسوا دعوتهم على عقيدة الإسلام، وبدءوا بتطهيرها من شوائب الشرك والخرافات.

الأمر الذي تحقق بسببه رفع راية التوحيد خفاقة في ربوع الجزيرة العربية، بعد أن ران عليها الجهل، وخيم عليها الظلام عدة قرون، وعاد كثير من الناس إلى الشرك والخرافات، فانقشع ذلك الجهل، وتحول ذلك الظلام إلى نور، على يد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، الذي بدأ بتعليم الناس العقيدة الصحيحة، وقامت بفضل هذه العقيدة دولة التوحيد، منذ أن قام الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - مؤسس هذه الدولة المباركة بتبني هذه الدعوة الطيبة، فكتب الله لها بذلك النصر والبقاء، وزالت مظاهر الشرك والوثنية في برهة وجيزة، وهي لم تكن لتزول، لو لم تنطلق هذه الدعوة من روح العقيدة.

ولست مبالغا حينما أذكر هذه الحقيقة، فإنها حقيقة يسلم بها الأعداء فضلا عن الأصدقاء، والحق ما شهدت به الأعداء.

وخلاصة القول: إنه لا صلاح لنا ولا فلاح، ولا نجاح لدعوتنا، إلا إذا بدأنا بالأهم قبل المهم، وذلك بأن ننطلق في دعوتنا من عقيدة التوحيد، نبني عليها سياستنا، وأحكامنا، وأخلاقنا، وآدابنا، ننطلق في كل ذلك من هدي الكتاب، والسنة، بلا إفراط، ولا تفريط، ذلكم هو الصراط المستقيم، والمنهج القويم، الذي أمرنا الله تعالى، بسلوكه، فقال: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (١).

وقال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (٢)، وقال رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم -: «تركت فيكم أمرين، لن تضلوا بعدي ما تمسكتم بهما، كتاب الله وسنتي (٣)».


(١) سورة الأنعام الآية ١٥٣
(٢) سورة آل عمران الآية ١٠٣
(٣) الموطأ ص ٨٩٩ كتاب القدر.