للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصدر باع يبيع أي دفع عوضا وأخذ معوضا، والجملة بيانية لا محل لها من الإعراب، قوله: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ} (١) أي: من بلغته موعظة من الله من المواعظ التي تشتمل عليها الأوامر والنواهي ومنها ما وقع هنا من النهي عن الربا فانتهى أي: فامتثل النهي الذي جاءه وانزجر عن المنهي عنه، وهو معطوف، أي: قوله: فانتهى على قوله: جاءه وقوله: من ربه متعلق بقوله: (جاءه) أو بمحذوف وقع صفة لموعظة، أي كائنة من من ربه فله ما سلف أي ما تقدم منه من الربا لا يؤاخذ به لأنه فعله قبل أن يبلغه تحريم الربا أو قبل أن تنزل آية تحريم الربا، وقوله: {وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} (٢) قيل: الضمير عائد إلى الربا، أي: وأمر الربا إلى الله في تحريمه على عباده واستمراره ذلك التحريم، وقيل الضمير يرجع إلى المرابي، أي: أمر من عاد بالربا إلى الله في تثبيته على الانتهاء أو الرجوع إلى المعصية ومن عاد إلى أكل الربا والمعاملة به {فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (٣) والإشارة إلى من عاد، وجمع أصحاب باعتبار معنى من، وقيل إن معنى من عاد هو أن يعود إلى القول {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} (٤) وأنه يكفر بذلك فيستحق الخلود، وعلى التقدير الأول يكون الخلود مستعارا على معنى المبالغة، كما تقول العرب: ملك خالد [أي: طويل البقاء]، والمصير إلى هذا التأويل واجب للأحاديث المتواترة القاضية بخروج الموحدين من النار قوله: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} (٥) أي يذهب بركته في الدنيا، وإن كان كثيرا فلا يبقى بيد صاحبه. وقيل: يمحق بركته في الآخرة، قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (٦)

قوله: اتقوا قوا أنفسكم من عقابه واتركوا البقايا التي بقيت لكم من الربا، وظاهره أنه أبطل من الربا ما لم يكن مقبوضا، قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (٧) قيل: هو شرط مجازي على جهة المبالغة، وقيل: إن إن في هذه الآية بمعنى (إذ) قال ابن عطية: وهو مردود لا يعرف في اللغة، والظاهر أن المعنى: إن كنتم مؤمنين على الحقيقة فإن ذلك يستلزم امتثال أوامر الله ونواهيه، قوله: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} (٨) يعني ما أمرتم به من الاتقاء وترك ما بقي من الربا {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (٩) أي فاعلموا بها، من أذن بالشيء إذا علم به، وقيل هو من الأذن بالشيء وهو الاستماع لأنه من طريق العلم، وقرأ أبو بكر عن عاصم وحمزة فأذنوا على معنى فأعلموا غيركم أنكم على حربهم، وقد دلت هذه الآية على أن أكل الربا والعمل به من الكبائر ولا خلاف في ذلك، وتنكير الحرب للتعظيم وزادها تعظيما نسبتها إلى اسم الله


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٢) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٣) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٤) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٥) سورة البقرة الآية ٢٧٦
(٦) سورة البقرة الآية ٢٧٨
(٧) سورة البقرة الآية ٢٧٨
(٨) سورة البقرة الآية ٢٧٩
(٩) سورة البقرة الآية ٢٧٩