للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البائع عين ماله، واستدل لتحريم بيع العينة بالحديث الذي رواه أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى تراجعوا دينكم (١)».

ففي هذا الحديث دليل على تحريم هذا البيع، وذهب إليه مالك وأحمد وبعض الشافعية قالوا: لما فيه من تفويت مقصد الشارع من المنع عن الربا وسد الذرائع، قال القرطبي: لأن بعض صور هذا البيع تؤدي إلى بيع التمر بالتمر متفاضلا ويكون الثمن لغوا (٢). اهـ. نعود إلى الحديث آنف الذكر «إذا تبايعتم بالعينة (٣)» الحديث. لنكشف عن صحته وهل عليه مأخذ من حيث سنده يهبط به عن درجة الصحة.

يقول الشيخ محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله في كتابه (سلسلة الأحاديث الصحيحة): " هو حديث صحيح لمجموع طرقه وقد وقفت على ثلاث منها كلها عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعا، الأولى: عن إسحاق أبي عبد الرحمن أن عطاء الخراساني حدثه أن نافعا حدثه عن ابن عمر قال: فذكره- أي الحديث - إلى أن قال- أي الشيخ الألباني -: روي ذلك من وجهين عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر يشير بذلك إلى تقوية الحديث، وقد وقفت على أحد الوجهين المشار إليهما وهو الطريق الثانية: عن أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر أخرجه أحمد، الثالثة: عن شهر بن حوشب عن ابن عمر رواه أحمد.

ثم وجدنا له شاهدا من رواية بشير بن زياد الخراساني حدثنا ابن جريج عن عطاء عن جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - فذكره- أي الحديث، أخرجه ابن عدي في ترجمة بشير هذا من (الكامل) وهو غير معروف، في حديثه بعض النكارة، وقال الذهبي ولم يترك (٤). وجاء في (معالم السنن) توجيه الخطابي لوجهة نظر المحرمين للعينة، قال المحرمون للعينة: الدليل على تحريمها من وجوه، أحدها: أن الله تعالى حرم الربا والعينة وسيلة إليه بل هي من أقرب وسائله، والوسيلة إلى الحرام حرام، فهنا مقامان أحدهما: بيان كونها وسيلة، والثاني: بيان الوسيلة إلى الحرام حرام، فأما الأول فيشهد له النقل والعرف والنية


(١) سنن أبو داود البيوع (٣٤٦٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٨٤).
(٢) سبل السلام، ج٣، ص ٥٥.
(٣) سنن أبو داود البيوع (٣٤٦٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٨٤).
(٤) سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج١، ص١٥ـ ١٦.