أما إضافة الحروف إلى المعجم فهي إضافة صحيحة لا غبار عليها. وإذا تهيأ لابن جني أن الحروف هي الكلام أو الخط، وأن الشيء- كما ذهب النحاة- لا يضاف إلى نفسه فقد أبعد؛ لأن الكلام أو الخط غير الحروف وإن كانت الحروف ركنا هاما فيهما لا قوام لهما بدونه. فهما مكونان من حروف معينة موصولة متحركة (منطوقة) مرتبة على نسق أراده المتكلم أو الكاتب للتعبير عن معنى ما. أما الحروف فهي مقطعة غير موصولة، صامتة غير منطوقة لخلوها من الحركات، وهي بعد هذا لا تؤدي أي معنى من المعاني.
ومهما يكن من شيء فإن ما أنكره ابن جنى على غيره من القائلين بأن حروف المعجم تعني حروف الكلام أو الخط المعجم غير منكر. وربما كان هذا أقرب من غيره- وكلها قريبة - إذ إن حروف الكلام أو الخط المعجم إنما تعني حروف الكلام أو الخط العربي ما دام الإعجام خاصا بهما كما اعتقد علماء العربية القدامى. وقد صرح ابن فارس باعتقادهم هذا فقال:(والذي عندنا في ذلك أنه أريد بحروف المعجم حروف الخط المعجم وهو الخط العربي لأنا لا نعلم خطا من الخطوط يعجم هذا الإعجام حتى يدل على المعاني الكثيرة)(١).
ولهذا استغنوا عن حروف الخط العربي بحروف الخط المعجم، ثم استطالوا هذه العبارة فحذفوا الكلام أو الخط منها، استغناء عنهما بذكر أبرز خصائصهما فكانت حروف المعجم بمعنى حروف الخط المعجم أو حروف العربية. ولهذا رأينا حروف المعجم هذه تدخل في عناوين الكتب التي راعت الحروف العربية- كما أسلفنا- أي نوع من المراعاة في ترتيب موادها، فقيل:(كتاب كذا على حروف المعجم) وهو في الحقيقة على حروف العربية ويبدو أنهم استطالوا هذه العبارة أيضا فاكتفوا بالقول: (كتاب كذا على الحروف) بحذف لفظ المعجم أو (معجم كذا) بحذف لفظ الحروف وإضافة المعجم