للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الإمام الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في باب " الانبساط إلى الناس " بعد هذا الحديث حدثنا محمد أخبرنا أبو معاوية حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يتقمعن منه فيسربهن إلي فيلعبن معي (١)».

بعدما تكلم رحمه الله عن لغويات الحديث وما يتعلق بها قال:

واستدل بهذا الحديث على جواز اتخاذ صور البنات واللعب من أجل لعب البنات بهن، وخص ذلك من عموم النهي عن اتخاذ الصور، وبه جزم عياض ونقله عن الجمهور، وأنهم أجازوا بيع اللعب للبنات لتدريبهن من صغرهن على أمر بيوتهن وأولادهن، قال: وذهب بعضهم إلى أنه منسوخ وإليه مال ابن بطال، وحكى ابن زيد عن مالك " أنه كره أن يشتري الرجل لابنته الصور"، ومن ثم رجح الداودي أنه منسوخ، وقد ترجم ابن حبان "الإباحة لصغار النساء اللعب باللعب"، وترجم له النسائي "إباحة الرجل لزوجته اللعب بالبنات" فلم يقيد بالصغر وفيه نظر.

قال البيهقي -بعد تخريجه-: ثبت النهي عن اتخاذ الصور فيحتمل على أن الرخصة لعائشة في ذلك كانت قبل التحريم، وبه جزم ابن الجوزي، وقال المنذري: إن كانت اللعب كالصورة فهو قبل التحريم، وإلا فقد يسمى ما ليس بصورة لعبة وبهذا جزم الحليمي فقال: إن كانت صورة كالوثن لم يجز والإ جاز، وقيل: معنى هذا الحديث "اللعب مع البنات، أي الجواري والباء هنا بمعنى مع حكاه ابن التين عن الداودي ورده، قلت: ويرده ما أخرجه ابن عيينة في الجامع من رواية سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عنه عن هشام بن عروة في هذا الحديث: «وكن جواري يأتين فيلعبن بها معي (٢)» وفي رواية جرير عن هشام: «كنت ألعب بالبنات وهن اللعب (٣)» أخرجه أبو عوانة وغيره، وأخرج أبو داود والنسائي من وجه آخر عن عائشة رضي الله عنها قالت: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر (٤)» فذكر الحديث في هتكه الستر الذي نصبته على بابها قالت: «فكشف ناحية الستر على بنات لعائشة لعب فقال: ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي، قالت: ورأى فيها فرسا مربوطا له جناحان فقال ما هذا؟ قلت: فرس، قال: فرس له جناحان؟ قلت: ألم تسمع أنه كان لسليمان خيل لها أجنحة؟ فضحك (٥)» فهذا صريح في أن المراد باللعب غير


(١) صحيح البخاري الأدب (٦١٣٠)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٤٤٠)، سنن أبو داود الأدب (٤٩٣١)، سنن ابن ماجه النكاح (١٩٨٢)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢٣٤).
(٢) صحيح البخاري الأدب (٦١٣٠)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٤٤٠)، سنن أبو داود الأدب (٤٩٣١)، سنن ابن ماجه النكاح (١٩٨٢)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٥٧).
(٣) صحيح البخاري الأدب (٦١٣٠)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٤٤٠)، سنن أبو داود الأدب (٤٩٣١)، سنن ابن ماجه النكاح (١٩٨٢)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢٣٤).
(٤) سنن أبو داود الأدب (٤٩٣٢).
(٥) سنن أبو داود الأدب (٤٩٣٢).