للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمحارب المشلح. والحرب بفتح الراء أن يسلب الرجل ماله، يقال: حربه يحربه إذا أخذ ماله، فهو محروب وحريب من قوم حربي، وحريبته ماله الذي سلبه لا يسمى بذلك إلا بعد أن يسلبه. وقيل: حريبة الرجل ماله الذي يعيش به، تقول: حربه يحربه حربا إذا أخذ ماله وتركه بلا شيء، وقال الأزهري: حرب فلان حربا فالحرب أن يؤخذ ماله كله فهو رجل حرب، أي نزل به الحرب وهو محروب حريب والمحروب الذي سلب حريبته، ويطلق الحرب على شدة الغضب وعلى معان أخرى، ويطلق المحراب على عرين الأسد وعلى الموضع الذي ينفرد فيه الملك والإمام وعلى معان أخرى، وبالجملة فالمادة متضمنة معنى العداوة والمنعة والانفراد والبعد والاعتداء ونحو ذلك مما تضمنه معنى المحارب شرعا كما سيأتي ذكره في كلام الفقهاء.

٢ - أقوال الفقهاء في سبب نزول آية المحاربة ومناقشتها:

اختلف العلماء فيمن نزلت فيه آية الحرابة، فقيل: نزلت في المشركين، وقيل: في قوم من أهل الكتاب كانوا أهل موادعة فنقضوا العهد وأخافوا السبيل وأفسدوا في الأرض (١) وقيل في قوم ارتدوا عن الإسلام فقط (٢).

ونوقشت الثلاثة بأنها تصح سندا، وبأن عقوبة هؤلاء مفصلة في الكتاب والسنة، وهي مخالفة لما ذكر في الآية من عقوبة المحاربين، فلا يصح أن تكون نازلة في طائفة من هؤلاء من أجل شركهم أو نقضهم العهد أو ردتهم.

وقيل: نزلت ناسخه لما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بالعرنيين من المثلة أو عتابا له على ذلك (٣) ونوقش بأن التمثيل بهم كان جزاء عادلا؛ لتمثيلهم برعاة الإبل، وذلك لم ينسخ، ولم ينه عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت أنه عوتب عليه، بل مازال شرعا ثابتا بالنسبة لمن مثل بالمسلمين. وقيل: نزلت في جماعة من عكل وعرينة (٤)، واختاره، ابن كثير وجماعة وأيا كان سبب النزول فالآية عامة في كل من أخاف السبيل وقطع الطريق وسعى في الأرض فسادا لبيان


(١) ص ١٧ - ١٨ - ٤٤ من البحث في العدد الحادي عشر.
(٢) ص ٤٣ من البحث في العدد الحادي عشر.
(٣) ص٤١ - ٤٢ - ٤٤ - ٦٢ - ٦٣ من البحث في العدد الحادي عشر.
(٤) ص ٤٤ من البحث في العدد الحادي عشر.