للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقوبته على إخافته السبيل، وسعيه في الأرض فسادا واختاره ابن كثير وجماعة؛ لأن العبرة بعموم النص لا بخصوص سبب نزوله (١).

٣ - الأقوال فما يعتبر مكانا للمحاربة:

اختلف العلماء في المكان الذي تتأتى فيه المحاربة فقال أبو حنيفة: لا تكون إلا في الصحراء ونحوها بقطع جماعة لها شوكة الطريق جهارا أو إخافتهم السبيل، وكذلك تكون من واحد له منعة؛ وذلك لأنه إذا استغاث لا يدركه الغوث غالبا بخلاف الإغارة على مصر أو مدينة؛ فإن الغالب أن الغوث يدرك أهلها.

وقال أبو يوسف: تكون خارج المصر ولو بالقرب منه؛ لأن الغالب أن الغوث يدرك سكان المصر لا من بقربه، وفي رواية أخرى عنه إن شهر سلاحا في المصر نهارا فهو قاطع؛ لأن السلاح لا يلبث، وإن كان هجومه بخشب ونحوه نهارا فليس بقاطع، وإن كان ليلا بخشب وحجر ونحوهما كان قاطعا؛ لأن الغوث يبطئ ليلا (٢).

وقال مالك: تكون في المصر وخارجه من جماعة لها منعة ومن واحد كذلك، وتكون بخديعة شخص لآخر حتى يظفر به ني نفسه أو عرضه أو ماله إذا تيسر له ذلك (٣).

وقال الشافعي: لا تكون محاربة إلا جهارا في الصحراء وما في حكها من البلاد البعيدة عن المدن؛ حيث لا يتأتى الغوث، أما في المصر ونحوه فلا تكون محاربة إلا عند ضعف السلطان أو أهل المصر من الغوث (٤).

وقال الحنابلة: لا تكون محاربة إلا مجاهرة ممن له منعة بسلاح في صحراء؛ لأنهم هم الذين لا يدركهم الغوث غالبا، وقيل: تكون من هؤلاء في بلد أو قرية لا يدرك أهلها الغوث عند الإغارة عليهم (٥) وفي الإنصاف، وقال أبو بكر: حكهم في المصر والصحراء سواء، قال الشيخ تقي الدين - رحمه الله -: هو قول الأكثرين. قلت: منهم أبو بكر والقاضي


(١) ص ٤١ - ٤٤ من البحث في العدد الحادي عشر.
(٢) ص ٧٤ - ٨٢ من البحث في العدد الحادي عشر.
(٣) ص ٩١ - ١٣٠ من البحث في العدد الحادي عشر.
(٤) ص ٩٨ - ٩٩ من البحث في العدد الحادي عشر.
(٥) ص ١٠٢ - ١٠٣ من البحث في العدد الحادي عشر.